اكثر الناس معاناة في هذه الحياة هم من تربوا تربية حسنة
عمرو العرباوي – مدير النشر
قد يكون للأشخاص الذين تربوا على القيم والمبادئ الأخلاقية العالية تحديات خاصة في الحياة، لأنهم ربما يجدون صعوبة في التكيف مع الواقع الصعب أو غير العادل الذي قد يواجهونه، فقد يشعرون بخيبة أمل أو معاناة أكبر عندما يرون أن القيم التي تربوا عليها ليست دائمًا ما يتم تقديرها أو احترامها في المجتمع.
لكن في نفس الوقت، هذه التربية تعطيهم القوة الداخلية والمبادئ التي تساعدهم على التعامل مع التحديات بشكل أخلاقي ونبيل.
فالأشخاص الذين تربوا على القيم الأخلاقية العالية والمعايير المثلى غالبًا ما يعانون بشكل خاص في الحياة لأسباب متعددة:
- التعارض مع الواقع المعاش:
في كثير من الأحيان، يجدون أن القيم التي تربوا عليها ليست متوافقة مع واقع الحياة الذي قد يكون قاسياً أو غير عادل، فعلى سبيل المثال، إذا تربى شخص على الصدق والاستقامة، قد يصاب بخيبة أمل أو صدمة عندما يواجه الخداع أو الفساد في المجتمع، هذا التباين بين المبادئ التي تشبع بها منذ الصغر والواقع الذي يعيشه يمكن أن يسبب له إحباطًا مستمرًا.
- الصراع الداخلي:
الأشخاص الذين تربوا على المعايير العالية يميلون إلى مراقبة أنفسهم بعناية أكبر ويحاسبونها بصرامة، هذا يجعلهم عرضة للشعور بالذنب أو الفشل عند عدم تحقيقهم لهذه المعايير، حتى عندما تكون الظروف خارجة عن سيطرتهم. هذا الضغط الداخلي قد يؤدي إلى القلق أو الاكتئاب أو الإحساس بعدم الكفاية.
- المسؤولية الزائدة:
غالبًا ما يشعرون بمسؤولية أكبر تجاه الآخرين والمجتمع، نظرًا لأنهم تعلموا أهمية النزاهة والعدل، قد يجدون أنفسهم يبذلون جهدًا إضافيًا لمساعدة الآخرين أو القيام بما هو صحيح، حتى عندما لا يتلقون الاعتراف أو الدعم. هذا يمكن أن يؤدي إلى استنزافهم عاطفيًا وجسديًا.
- الاستغلال من الآخرين:
الأشخاص ذوو القيم العالية قد يُعتبرون “أهدافًا سهلة” للأشخاص الذين يستغلون طيبتهم ونزاهتهم، قد يشعر هؤلاء الأشخاص بصعوبة في قول “لا”، ويجدون أنفسهم مستغلين من قبل من يعرفون كيفية التلاعب بتعاطفهم أو كرمهم.
- العزلة الاجتماعية:
في بعض الأحيان، قد يجدون صعوبة في تكوين علاقات أو صداقات مع الآخرين الذين لا يشاركونهم نفس القيم أو المبادئ، هذا قد يؤدي إلى شعورهم بالعزلة أو الغربة داخل مجتمع قد لا يقدّر تلك القيم بالدرجة نفسها.
- التضحية الشخصية:
القيم العالية قد تجعل الشخص أكثر استعدادًا للتضحية بمصالحه الشخصية من أجل الصالح العام أو من أجل الحفاظ على نزاهته الشخصية، هذه التضحية المستمرة يمكن أن تؤدي إلى إحساس بالحرمان أو الإحباط، خاصة إذا لم يشعر هذا الشخص بالتقدير أو المكافأة على تضحياته.
- التوقعات العالية:
هؤلاء الأفراد غالبًا ما يضعون لأنفسهم توقعات عالية جدًا، سواء كان ذلك في حياتهم المهنية أو الشخصية، عندما لا تتحقق هذه التوقعات، يشعرون بخيبة أمل شديدة، رغم أنهم قد يكونون قد حققوا نجاحات جيدة وفقًا للمعايير العادية.
- الاستمرارية في اتباع القيم رغم الصعوبات:
من أصعب ما يواجهه هؤلاء الأشخاص هو التمسك بقيمهم رغم الصعوبات التي قد تواجههم، في بعض الأحيان قد يجدون أنفسهم أمام خيارات صعبة، حيث التمسك بالقيم قد يعني خسارة مادية أو معنوية، بينما الانحراف عن هذه القيم قد يحقق لهم مكاسب، القدرة على الاستمرار في اتباع هذه القيم تتطلب شجاعة داخلية وثباتًا، لكن أيضًا تتطلب الكثير من الجهد النفسي.
مخرحات هذا المقال ، إن الأشخاص الذين تربوا على القيم العالية يواجهون تحديات فريدة في الحياة، وعلى الرغم من أن هذا يمكن أن يكون مصدرًا لمعاناة كبيرة، إلا أن تلك التربية تمنحهم أيضًا قوة داخلية وثقة بأنهم يسيرون على الطريق الصحيح، قد لا تكون المكافآت دائمًا مادية أو فورية، ولكن هذه القيم توفر لهم نوعًا من الرضا الداخلي والاستقرار العاطفي الذي لا يمكن الحصول عليه بسهولة من المصادر الأخرى