اخبار منوعة

الإزدواجية في ممارسة الصحافة الحرة بين المهنية وصناعة الصحفي كضحية وهمية أي سلوك هذا  ؟

عمرو العرباوي / مدير النشر

فالازدواجية في ممارسة الصحافة الحرة بين المهنية وصناعة الصحافي كضحية وهمية تعكس سلوكًا غير أخلاقي يتناقض مع جوهر العمل الصحفي، فالصحافة، في جوهرها، تقوم على الموضوعية، النزاهة، والتحقق من الحقائق، وليس على خلق مظلومية زائفة لكسب تعاطف الجمهور أو تبرير مواقف معينة ، إذا كان الصحافي يقدم نفسه كضحية وهمية، فهذا يمكن أن يكون نوعًا من التلاعب الإعلامي الذي يهدف إلى التأثير في الرأي العام أو تحقيق مكاسب شخصية أو سياسية، وهذا السلوك قد يكون مدفوعًا بأسباب مختلفة، مثل: البحث عن الشهرة – استغلال قضايا حقيقية لكن بتضخيم الدور الشخصي للصحافي في المعاناة أو التلاعب بالمهنية – استخدام الادعاءات الكاذبة لتبرير انحيازات معينة أو الترويج لأجندات خاصة أو الهروب من النقد – تصوير أي انتقاد مهني على أنه اضطهاد شخصي بدلًا من مواجهة الأخطاء المهنية .

أولا : فالصحافة الحرة تقوم على مجموعة من المبادئ الأساسية التي تجعلها ركيزة للديمقراطية ووسيلة لنقل الحقيقة للمجتمع. من أبرز هذه المبادئ:
1-الموضوعية: نقل الأخبار دون تحريف أو تلاعب.
2-الحياد: عدم الانحياز إلى طرف معين إلا على أساس الحقائق.
3-الشفافية: تجنب التضليل أو إخفاء المعلومات الهامة.
4-المسؤولية: أن يكون الصحافي مسؤولًا عن تأثير ما ينشره على المجتمع, لكن في بعض الحالات، نجد صحافيين أو مؤسسات إعلامية يمارسون ازدواجية خطيرة تتجلى في تقديم أنفسهم كضحايا وهميين بدلًا من التزامهم بالمعايير المهنية، وهو سلوك يثير تساؤلات أخلاقية ومهنية خطيرة.
ثانيا : ازدواجية الصحافة: المهنية مقابل لعب دور الضحية، 
1-المهنية الحقيقية في الصحافة , فالصحافي المهني هو الذي ينقل الأحداث بموضوعية، يعتمد على الأدلة، ويتجنب التضليل. حتى إذا تعرض لضغوط أو انتقادات، يظل ملتزمًا بمبادئ الصحافة الحرة، ويدافع عن الحقائق بدلًا من توظيف موقعه لخدمة أجندات شخصية.
2-الصحافي كضحية وهمية: سلوك غير مهني, عندما يبدأ الصحافي في تصوير نفسه كضحية وهمية، فإنه ينحرف عن جوهر المهنة إلى سلوك غير أخلاقي يستغل عواطف الجمهور لتحقيق أهداف خاصة, وهذه الظاهرة قد تأخذ أشكالًا متعددة، منها:
1-التلاعب بالرأي العام:
-استخدام لغة عاطفية مبالغ فيها للتأثير على الجمهور.
-الادعاء بالتعرض للاضطهاد أو القمع دون أدلة كافية.
-المبالغة في تصوير التحديات الشخصية كجزء من معركة عامة ضد حرية الصحافة.
2-التهرب من النقد المهني:
-عند تعرض الصحافي لانتقادات مهنية، بدلاً من الرد بالحجج والأدلة، يلجأ إلى خطاب المظلومية لإسكات النقد.
-تصوير أي محاولة لتصحيح الأخطاء الصحفية على أنها “استهداف شخصي”.
3-استخدام الصحافة كوسيلة لتحقيق مكاسب شخصية:
-تقديم صورة زائفة عن النفس للحصول على دعم الجمهور أو جهات دولية.
-استغلال قضايا حقيقية لكن عبر تضخيم الدور الشخصي للصحافي في القصة.
ثالثا : العواقب الخطيرة لهذا السلوك،
1-فقدان المصداقية , عندما يصبح الصحافي جزءًا من الخبر بدلًا من ناقله، يفقد الجمهور الثقة في وسائل الإعلام, فالصحافة يجب أن تكون مرآة للحقيقة، لا أداة لصناعة نجوم زائفين.
2-تشويه قضايا حرية التعبير الحقيقية, هناك صحافيون حقيقيون يعانون من القمع والاضطهاد بسبب نقلهم للحقائق, فعندما يتلاعب بعض الصحافيين بالمظلومية، فإنهم يضعفون نضالات زملائهم الذين يواجهون مخاطر حقيقية.
3-التأثير السلبي على المجتمع:
-انتشار خطاب الضحية يمكن أن يؤدي إلى حالة من الاستقطاب في المجتمع.
-الجمهور يصبح أقل قدرة على التمييز بين المظالم الحقيقية والادعاءات المزيفة.
-السلطات قد تستغل هذه الظاهرة للتشكيك في كل ادعاء يخص حرية الصحافة.
رابعا: كيف يمكن مواجهة هذه السلوكيات السلبية  ؟
1-تعزيز ثقافة التحقق من الأخبار: يجب أن يتعلم المتلقي أن يكون أكثر وعيًا عند استهلاك الأخبار، وعدم تصديق كل ادعاء دون التحقق منه.
2-مساءلة الصحافيين والمؤسسات الإعلامية:
-فالصحافة الحرة لا تعني غياب المساءلة.
-يجب أن تكون هناك آليات لضبط الممارسات الإعلامية غير المهنية.
2-دعم الصحافة الجادة والمستقلة:
-دعم الصحافيين الذين يلتزمون بالمهنية بدلاً من أولئك الذين يبحثون عن التعاطف و التماس الاسترزاق .
-تعزيز الصحافة الاستقصائية التي تعتمد على الأدلة والحجة القانونية بدلًا من السرد العاطفي.
مايمكن استنتاجه من هذ المقال ،وهو أن ازدواجية ممارسة الصحافة الحرة بين المهنية ولعب دور الضحية الوهمية هي سلوك غير أخلاقي يضر بمصداقية الصحافة الحرة، فالصحافي الحقيقي ليس في حاجة إلى مكياج لتلميع صورته ولا يحتاج إلى تضخيم ذاته أو اختلاق المظلومية، بل يعتمد على الحقائق، النزاهة، والشفافية. لهذا، من الضروري أن يكون هناك وعي مجتمعي لمواجهة هذه السلوك السلبي ، والتأكد من أن الصحافة تبقى دائمًا أداة لنقل الحقيقة، لا منصة للادعاءات والمظلومية الشخصية التي تغرد دائما خارج السرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى