اخبار منوعة

الاحزاب السياسية تتوجس صراحة تشبيب الحياة السياسية :

عمرو العرباوي – مدير النشر

تتوجس الأحزاب السياسية من تشبيب الحياة السياسية يمكن تفسيره من خلال مجموعة من العوامل البنيوية والثقافية والمصلحية التي تميز المشهد الحزبي، خاصة وأن أزمة ثقة تتشكل بين الأحزاب والمواطنين بشكل كبير.
لفهم هذا التوجس بشكل واضخ ينبغي التنبيه إلى المعطيات التالية :

أولا : هيمنة النخب السياسية التقليدية 

تتميز غالبية الأحزاب السياسية المغربية بهيمنة نخب قديمة على مراكز القرار، هذه النخب غالبًا ما تخشى أن يؤدي إدماج الشباب إلى تقويض نفوذها وإضعاف سيطرتها على الهياكل التنظيمية للحزب، مما يهدد مصالحها السياسية والاقتصادية.

ثانيا : الخوف من تغيير التوازنات الداخلية

تسعى الأحزاب إلى الحفاظ على توازناتها الداخلية، حيث تكون هناك شبكات من المصالح بين الأعضاء القدامى، ويشكل دخول الشباب عنصرًا غير متوقع قد يخل بهذه التوازنات، فالشباب عادة ما يكونون أكثر طموحًا وإقدامًا على إحداث التغيير وهو لاترضاه ولا يروقها ، وهو ما قد يؤدي إلى نزاعات داخلية.

ثالثا : نقص الثقة في قدرات الشباب

تروج بعض النخب السياسية لفكرة أن الشباب يفتقرون إلى الخبرة والشجاعة والحنكة السياسية، مما يجعلهم غير قادرين على اتخاذ القرارات المناسبة أو إدارة الملفات الحساسة والاستراتيجية ، هذا التبرير يُستخدم أحيانًا كغطاء لإقصاء الشباب من المناصب القيادية داخل الأحزاب.

رابعا: الخوف من التجديد الجذري للأفكار والتوجهات

غالبًا ما يأتي الشباب بأفكار جديدة ومقاربات حديثة قد تتعارض مع الأساليب التقليدية التي تعتمدها الأحزاب، هذه الرؤية التجديدية والإصلاحية احيانا قد تدفع نحو تغيير خطابات الأحزاب وأساليب عملها، وهو ما لا ترغب فيه القيادات التي اعتادت على طرق معينة في إدارة الشأن السياسي.

خامسا : ضعف آليات التأطير والتكوين داخل الأحزاب

معظم الأحزاب لا تمتلك برامج قوية لتكوين وتأطير الشباب سياسيًا، ما يجعل انخراطهم في المناصب القيادية تحديًا صعبًا، حتى في الحالات التي يتم فيها استقطاب الشباب، غالبًا ما يكون دورهم شكليًا عرضيا ومرحليا أي لا يتعدى فترة الموسم الانتخابي (توظيفهم اثناء الحملة الانتخابية يوم الاقتراع )، دون تأثير حقيقي على القرارات.

سادسا : الحسابات الانتخابية والخوف من فقدان الأصوات

تتخوف الأحزاب من أن يكون دعم الشباب على حساب شرائح اجتماعية أخرى تعتبرها قاعدتها الانتخابية التقليدية، مثل كبار السن أو الفئات المحافظة التي قد لا تتقبل الخطابات والتوجهات الجديدة التي يحملها الشباب.

سابعا: غياب الإرادة السياسية الفعلية للتشبيب

رغم الخطابات التي تدعو إلى تشبيب الحياة السياسية والمشاركة فيها ، لكن الإرادة الفعلية لتحقيق ذلك غالبًا ما تكون ضعيفة، فالأحزاب السياسية المغربية تطرح الشباب فقط كواجهة دعائية دون منحهم سلطات حقيقية، وذلك لإعطاء انطباع بالتجديد دون إحداث تغيير حقيقي في هياكل القرار.

ثامنا : المخاوف الأمنية والسياسية

احيانا يُنظر إلى الشباب على أنهم أكثر قدرة على التحرك والفاعلية خارج الأطار التقليدي، ما قد يجعلهم يشكلون تهديدًا للنظام السياسي القائم، سواء داخل الحزب أو في المشهد العام، وبالتالي، يتم الإبقاء دار لقمان على حالها وعلى الأوضاع كما هي لتجنب أي تحركات او اضطرابات أو تغييرات غير متحكم فيها ربما تشكل تهديد لأمن المجتمع واستقراره ، مما يبقي الهاجس الامني محل الاهتمام حسب وجهة نظر النخبة السياسية التقليدية .

مخرجات هذا المقال ، الحقيقة التي لا ينبغي التغاضي عنها أن الخوف من تشبيب الحياة السياسية والمشاركة فيها ليست مسألة فردية بل هو نتاج منظومة متكاملة من المصالح والهياكل التقليدية العقيمة التي تسعى الاحزاب السياسية للحفاظ على تثبيتها والعمل على استمراريتها، ولتجاوز هذا التوجس، لا بد من إصلاحات هيكلية تشمل تعزيز الديمقراطية الداخلية داخل الأحزاب، وإحداث آليات واضحة لتكوين وتأهيل الشباب، ومنحهم فرصًا حقيقية للمشاركة في صنع القرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى