اخبار منوعة

الانتصار على الخوف: مفتاح الحكمة في زمن الفوضى

ذ. عمرو العرباوي / مدير النشر

في زحمة التحولات العنيفة التي يشهدها عالمنا، يبدو الخوف كأنه الغريزة الأكثر حضورًا في سلوكنا اليوم، الخوف من المستقبل، من الفقد، من الفشل، من الاختلاف، من الحقيقة… كلها أشكال يومية تعيق قدرة الإنسان على التفكير الحر، والعيش الكريم، واتخاذ القرار السليم.

لكن لحظة التحوّل الكبرى تلك التي تميز الفرد العادي عن الإنسان الحكيم ، تبدأ حين ينجح المرء في الانتصار على الخوف، ومن هنا جاءت العبارة العميقة “الانتصار على الخوف هو بداية الحكمة”.

  • ماذا يعني أن ننتصر على الخوف؟

الانتصار على الخوف لا يعني تجاهله أو ادعاء القوة الزائفة، بل يعني الاعتراف به، فهمه، ثم تجاوزه بعقل هادئ وقلب واثق، يعني أن نمتلك القدرة على اتخاذ قرار صعب رغم ترددنا، أن نطرح سؤالًا شائكًا رغم قلقنا من الإجابة، أن نقول “لا” حين يكون الصمت أكثر أمانًا.

الحكمة لا تسكن العقول التي يحكمها الذعر، بل تُولد في اللحظة التي نقول فيها: “سأفكر رغم خوفي، سأختار رغم ضغوطي، سأواجه رغم هشاشتي”.

  • الحكمة كنتاج للشجاعة الداخلية،

فالحكيم ليس من قرأ كثيرًا، ولا من يحمل شهادات، بل من عرف نفسه وتحرر من عبودية الخوف، إنه ذلك الشخص الذي يرى الأمور من زوايا متعددة، ولا ينجرّ خلف غرائزه أو ردود فعله الأولية، هو من يزن العواقب، ويملك شجاعة الصبر، ويؤمن بأن الحقيقة لا تظهر تحت الإكراه أو الخوف، بل في ضوء الحرية والطمأنينة.

  • لماذا هذه الفكرة مهمة اليوم؟

ففي زمن تنتشر فيه ثقافة الخضوع والتردد، تبدو الحاجة إلى الحكمة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى الخوف بات أداة في يد الأنظمة، وفي الإعلام، وحتى في العلاقات اليومية. والمجتمعات التي لا تُعلّم أبناءها كيف يواجهون الخوف، ستظل تفتقد إلى القادة، والمفكرين، والناس الأحرار.

فالانتصار على الخوف ليس رفاهية نفسية، بل هو مشروع حياة، وهو الأساس الذي يقوم عليه العقل الحر، والقلب النبيل، والضمير المستنير.

مخرحات هذا المقال، مما لا شكّ فيه، أنه حين يُهزم الخوف، تُفتح أبواب الإدراك، وتنكشف الحقائق، ويصبح الإنسان أكثر قدرة على الفهم والتسامح، على الاختيار والتفكير، على قول “نعم” لما يؤمن به، و”لا” لما يعارضه.

لذلك، الانتصار على الخوف ليس فقط بداية الحكمة، بل هو مفتاح الكرامة، والحرية، والنجاح الحقيقي في الحياة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى