التسويق التفاهة لبعض مواقع التواصل اصبح يشكل خطرا على الامن القومي للمغرب فالحزم واجب وليس اختيار
عمرو العرباوي – مدير النشر
تسويق التفاهة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أصبح يمثل تحدياً للأمن القومي في المغرب، حيث يشجع على سلوكيات غير مرغوب فيها مثل الهجرة السرية الجماعية، والتحريض على مواجهة السلطات بالعنف، فهذه السلوكيات معقدة ومتعددة الأبعاد ، اجتماعية ، واقتصادية ، وثقافية ،ويمكن مناقشة وتفسير هذه المشكلة من خلال مجموعة من العوامل:
- أزمة الهوية والفراغ الثقافي: يواجه العديد من الشباب المغربي صعوبة في تحديد هويتهم ومكانتهم في المجتمع بسبب التغيرات السريعة التي طرأت على المشهد الثقافي والاجتماعي، فوسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في تسليط الضوء على نماذج سلبية، مما دفع البعض إلى تبني أنماط حياة مخالفة للقيم المجتمعية. هذا الفراغ الثقافي يجعلهم عرضة للتأثير السلبي من المحتويات التي تروج للهجرة غير الشرعية أو للعنف.
- تراجع دور الأسرة والمدرسة: ضعف التوجيه من قبل الأسرة والمؤسسات التعليمية يؤدي إلى ترك الشباب بدون مرجعيات واضحة. إضافة إلى ذلك، قد تكون هناك فجوة بين الأجيال، حيث تختلف رؤى الشباب بشكل جذري عن رؤى الأجيال السابقة، مما يجعلهم أكثر استعداداً لاتباع أفكار جديدة، حتى وإن كانت ضارة.
- التكنولوجيا وغياب الرقابة: رغم فوائد التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، فإن سهولة الوصول إلى المعلومات والأفكار السلبية بدون وجود رقابة أو توجيه يجعل الشباب يتعرضون لموجات من المحتويات غير المنضبطة، المحتوى السطحي والتافه غالبًا ما يحصل على شهرة سريعة مقارنة بالمحتوى الهادف بسبب آليات عمل المنصات الرقمية التي تُفضّل الإثارة وجذب الانتباه.
- ظروف اقتصادية صعبة: البطالة وندرة فرص العمل، خصوصًا بين الشباب، تُفاقم من حدة الأزمة، يرى الشباب في الهجرة غير الشرعية وسيلة للهروب من واقع اقتصادي مرير، لا سيما عندما يتعرضون لمحتويات على مواقع التواصل الاجتماعي تروج لفكرة “الحلم الأوروبي”.
- تأثير المحتوى المُغرض: بعض المحتويات التي تنتشر عبر مواقع التواصل تكون متعمدة وموجهة لتحريض الشباب ضد السلطات أو دفعهم نحو سلوكيات خطرة، هذا النوع من المحتوى غالبًا ما يكون مدعومًا بأجندات خفية تستغل غضب وإحباط الشباب لتحقيق أهدافها.
الحلول والبدائل الشاملة
للتعامل مع هذه المشكلة، يجب اتباع استراتيجية شاملة تتضمن تدخلات على مستويات عدة، سواء كانت اقتصادية، أو اجتماعية، أو قانونية.
- سياسات تعليمية وإعلامية قوية:
– التربية الإعلامية: تطوير برامج تربوية تركز على تعزيز التربية الإعلامية داخل المناهج الدراسية. الهدف هو تعليم الشباب كيفية التعامل مع المعلومات عبر الإنترنت بشكل نقدي، وكيفية تمييز الأخبار الزائفة والمحتويات المُضلِّلة.
– دعم المحتوى الهادف: يجب على وسائل الإعلام الوطنية والمنظمات غير الحكومية دعم مبادرات تعزز إنتاج محتوى رقمي هادف يستهدف الشباب ويركز على توعيتهم، ويدفعهم إلى الانخراط الإيجابي في المجتمع.
- تحسين الفرص الاقتصادية:
– خلق فرص عمل: على الحكومة والقطاع الخاص العمل معاً لتوفير فرص عمل للشباب، وتعزيز بيئة الأعمال بما يسمح للشباب بإطلاق مشاريعهم الصغيرة، خاصة في المناطق الريفية والنائية.
– دعم ريادة الأعمال: تقديم برامج تدريبية ودعم مالي للشباب الذين يرغبون في بدء مشروعاتهم الخاصة، هذه المبادرات ستسهم في تحويل الطاقة السلبية للشباب إلى إبداع ومبادرة.
- إصلاحات اجتماعية:
– تعزيز دور الأسرة: تقديم حملات توعية للأسر لتعزيز دورهم في توجيه الشباب نحو قيم إيجابية وتعليمهم كيفية استغلال وسائل التواصل بشكل صحيح.
– إعادة تأهيل المؤسسات الثقافية: دعم المؤسسات الثقافية والمراكز الشبابية كي تصبح أماكن توفر للشباب أنشطة بديلة ومفيدة، وتمكّنهم من بناء مهاراتهم والتعبير عن أنفسهم بشكل إيجابي.
- قوانين وتشريعات صارمة:
– مكافحة المحتوى الضار: يجب تطوير قوانين تجرّم نشر محتويات تروج للعنف أو الهجرة غير الشرعية، مع وضع آليات لرصد وحذف هذه المحتويات، هذا يتطلب تعاوناً مع شركات التواصل الاجتماعي الكبرى لتعزيز إجراءات المراقبة والتحقق.
– تحديث الإطار القانوني: يجب تعديل القوانين لتتناسب مع التحديات الجديدة التي أوجدتها وسائل التواصل الاجتماعي، بما يشمل فرض غرامات وعقوبات على الجهات والأفراد الذين يروجون محتويات تؤثر سلبًا على الأمن القومي.
- الشراكة مع المجتمع المدني:
– إطلاق حملات توعوية: منظمات المجتمع المدني لها دور مهم في تنظيم حملات توعوية للشباب، وإقامة ندوات وبرامج تدريبية حول الاستخدام الآمن والمسؤول لوسائل التواصل الاجتماعي.
– إشراك الشباب في القرار: يجب إنشاء منصات تتيح للشباب المشاركة في صنع القرار، وفتح قنوات تواصل مباشرة بينهم وبين صناع السياسات لتوصيل آرائهم وتطلعاتهم.
- الرقابة الذكية والمعتدلة:
– المراقبة الإلكترونية: يمكن إنشاء وحدات مختصة في مراقبة الإنترنت لرصد المحتويات الضارة والتحريضية، مع ضرورة احترام حقوق الأفراد في حرية التعبير.
– التعاون الدولي: يمكن التعاون مع المنظمات الدولية وشركات التكنولوجيا الكبرى لإيجاد حلول تقنية للحد من انتشار المحتوى السلبي، خاصة ذلك الذي يتعلق بالهجرة غير الشرعية والتحريض على العنف .
مخرجات هذا المقال، ينبغي على من يهمهم الأمر الانتباه وعدم الاستهانة به كون تسويق التفاهة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يشكل خطراً على الأمن القومي في المغرب، ومواجهته تتطلب استراتيجية شاملة، تجمع بين التوعية، والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وتحديث القوانين، وتعزيز الوعي الإعلامي، الحلول لن تكون سريعة، لكنها ضرورية لضمان مستقبل آمن ومستدام للشباب والمجتمع ككل.