اخبار منوعة

الدروة الانتخابية ماقبل الانتخابات تلتها توجه النخب السياسية شهر رمضان الكريم نحو تمييع الحياة السياسية بتداول قضايا تافهة وعرضية

عمرو العرباوي – مدير النشر
النخب السياسية في المغرب اعتادت قبيل الانتخابات بفترة زمنية قصيرة التوجه نحو استغلال مواضيع سطحية مثل “ثمن السردين” وخلال شهر رمضان، خاصة بعد دورة انتخابية، مما يمكن تفسير هذا السلوك السياسي المبتذل من عدة زوايا نذكر منها ماهو سياسي واجتماعي  ونفسي مرتبط بسلوك الطبقة السياسية وطبيعة السياق العام.
أولا : الإلهاء وصناعة الفرجة السياسية:
بعد أي دورة انتخابية، تكون الأحزاب السياسية في مرحلة إعادة ترتيب الأوراق، سواء من حيث تشكيل التحالفات أو تقييم نتائجها، في هذه المرحلة، تلجأ بعض النخب السياسية إلى طرح مواضيع خفيفة تثير تفاعلاً واسعاً لكنها لا تمس القضايا العميقة، وذلك لعدة أهداف:
-تشتيت انتباه الرأي العام عن ملفات حساسة مثل التعيينات، توزيع المناصب، أو التحالفات المشبوهة.
-تحويل النقاش السياسي إلى فرجة، حيث يتم استبدال النقاشات الجادة حول الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بمواضيع يومية تثير الجدل العابر، مثل أسعار المواد الغذائية.
ثانيا : الاستثمار في العواطف والمواسمية السياسية :
شهر رمضان هو فترة حساسة اجتماعيًا، حيث تزداد النزعة الاستهلاكية لدى المواطنين، ما يجعل قضايا مثل “ارتفاع الأسعار” مادة دسمة للنقاش، ولكن بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظواهر (الاحتكار، ضعف الرقابة، السياسات الاقتصادية)، يتم توجيه النقاش إلى جدليات سطحية مثل “كم يبلغ سعر السردين؟”، مما يخلق نوعاً من السياسة الشعبوية التي تركز على دغدغة مشاعر المواطنين بدلاً من تقديم حلول حقيقية.
ثالثا : تفادي القضايا الجوهرية والهروب من المحاسبة:
غالباً ما يكون ما بعد الانتخابات فترة حرجة من حيث مساءلة الأحزاب عما وعدت به في حملاتها الانتخابية، ولتفادي النقاش حول مواضيع مثل:
-فشل السياسات الاجتماعية.
-تفاقم البطالة.
-تردي الخدمات الصحية والتعليمية.
-انتشار الفساد والمحسوبية.
يلجأ السياسيون إلى مواضيع تافهة لكنها تحظى بانتشار واسع، مما يسمح لهم بتفادي النقاشات الحقيقية والمحاسبة الشعبية.
رابعا : إعادة إنتاج الثقافة السياسية القائمة على السطحية :
هذا التوجه يعكس طبيعة المشهد السياسي في المغرب، حيث يتم تهميش النخب الفكرية والمثقفين الحقيقيين لصالح وجوه سياسية تعتمد على الخطاب الشعبوي، فبدلاً من نقاش الاستراتيجيات الاقتصادية أو الإصلاحات السياسية ، يتم الانشغال بمواضيع استهلاكية تُسهم في تمييع الحياة السياسية وجعلها مجرد مسرحية بلا مضمون .
خامسا : وسائل الإعلام ودورها في تضخيم التفاهة السياسية:
حتى وسائل الإعلام تلعب دوراً مهماً في توجيه الرأي العام، وغالباً ما تتماهى مع هذا الخطاب التافه عبر تسليط الضوء على تصريحات السياسيين حول قضايا مثل “ثمن السردين”، بينما تغيب التحليلات العميقة حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي، هذا يجعل المواطن العادي يستهلك ويبتلع هذا النوع من الخطاب الشعبوي الممنهج دون وعي بأبعاده السياسية.
مخرجات هذا المقال ، ينبغي التنبيه على أن هذا التوجه ليس عفوياً، بل هو استراتيجية مقصودة تستخدمها النخب السياسية لصرف الأنظار عن القضايا الحقيقية، وإبقاء النقاش السياسي في مستويات سطحية، مما يؤدي إلى تمييع الحياة السياسية وإضعاف وعي المواطن وقدرته وتشتيت انتباهه وجعله يصدق التفاهة عوض المضي قدما نحو تحقيق التنمية المستدامة والكرامة الإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى