اخبار منوعة

الوسطاء والمضاربين (الشناقة) لا يتأثرون لا بالظروف المناخية ولا بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد

عمرو العرباوي – مدير النشر
ظاهرة المضاربة والوساطة الجشعة او مايسمى (الشناقة) في الأسواق المغربية ليست مجرد مشكلة اقتصادية، بل هي نتاج تداخل عوامل اجتماعية، قانونية، وسياسية تساهم في استمرارها واستفحالها، خاصة في ظل الأزمات المناخية والاقتصادية.
لتفسير هذه الظاهرة المثيرة للجدل ، لا بد من تحليلها من عدة زوايا:
أولا : العوامل التي تغذي انتشار الوسطاء والمضاربين: 
-فضعف الرقابة وغياب آليات زجر فعالة بالرغم من وجود قوانين تمنع المضاربة والاحتكار، إلا أن ضعف تطبيقها بسبب الفساد الإداري، أو غياب آليات فعالة للرقابة، يسمح للمضاربين بالتحكم في الأسعار دون خوف من العقوبات، أضف على ذلك تحكم الوسطاء في سلاسل التوزيع في كثير من القطاعات، خاصة المواد الغذائية والخضروات والفواكه واللحوم ، بحيث يتحكم الوسطاء في عملية البيع منذ خروج السلع من المنتج (الفلاح، الصياد، الحرفي) إلى أن تصل إلى المستهلك، هؤلاء الوسطاء يشترون السلع بثمن منخفض ثم يعيدون بيعها بأسعار مضاعفة دون أي قيمة مضافة حقيقية، مما يضر بالمستهلك والمنتج على حد سواء.
-غياب الشفافية في الأسواق: فقلة المعلومات حول الأسعار الحقيقية للسلع، وغياب لوائح مرجعية تضبط هامش الربح، يجعل المواطنين في مواجهة مفتوحة مع جشع الوسطاء، حيث يتم استغلال نقص الوعي والمعرفة لدى المستهلكين لفرض أسعار مرتفعة.
ثانيا : جشع المضاربين يزداد أوقات الأزمات: 
الأزمات، سواء كانت بسبب الجفاف، التضخم، أو الأوضاع الاقتصادية المتردية، تُستخدم كذريعة من طرف المضاربين لرفع الأسعار بشكل غير مبرر، فالأسباب التي تجعلهم يستفيدون من الأزمات هي:
-ارتفاع الطلب مقابل قلة العرض: حين تنخفض الكميات المعروضة من بعض السلع بسبب الجفاف أو مشاكل التوريد، يستغل المضاربون الوضع لرفع الأسعار دون مبرر.
-الخوف والإشاعات: في أوقات الأزمات، تنتشر الإشاعات حول ندرة المواد الغذائية، مما يدفع المواطنين إلى شراء كميات أكبر خوفًا من انقطاعها، وهو ما يستغله المضاربون لتحقيق أرباح إضافية.
-ضعف تدخل الدولة الفعلي: رغم التصريحات الرسمية التي تدين المضاربة، فإن غياب إجراءات حازمة، مثل تسقيف الأسعار أو مراقبة الأسواق بصرامة، يسمح باستمرار الوضع.
ثالثا : من يتحمل المسؤولية في مواجهة هذا الجشع؟
1-الحكومة :
يجب أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها في فرض رقابة صارمة على الأسواق، ومعاقبة المحتكرين، وخلق آليات لتقليص دور الوسطاء من خلال تشجيع البيع المباشر بين المنتجين والمستهلكين.
2-المواطن والمجتمع المدني:
-توعية المستهلك بضرورة البحث عن البدائل، وعدم الاستسلام للأسعار المرتفعة.
-دعم التعاونيات والجمعيات التي تروج لبيع المنتجات مباشرة دون وسطاء.
-فضح المضاربين عبر وسائل التواصل الاجتماعي لخلق ضغط مجتمعي عليهم.
3-دور الإعلام
يجب على الإعلام لعب دور أكبر في فضح المضاربة وكشف التلاعبات في الأسعار، بدل الاكتفاء بتغطية سطحية للأزمة دون البحث في جذورها.
مخرجات هذا المقال ، ينبغي الانتباه إلى أن المضاربة ليست مجرد ظاهرة اقتصادية، بل هي شكل من أشكال الاستغلال الاجتماعي الذي يزداد سوءًا في أوقات الأزمات، فالحل يتطلب إصلاحات جذرية تشمل تشديد القوانين، توعية المستهلكين، وتوفير بدائل تقلل من تحكم الوسطاء في الأسواق من اجل رفع الحيف عن الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى