اخبار منوعة
تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن يتطلب تفعيل الحكامة الجيدة :

عمرو العرباوي – مدير النشر
تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن تعني بناء علاقة مواطنة وإيجابية قائمة على الاحترام المتبادل، اساسها الشفافية، والعدالة بمفهومها الشامل اعني القانوني (المساواة )والمجالي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي ، بحيث يشعر المواطن بأن الدولة تعمل لصالحه وتحمي حقوقه، بينما تلتزم الدولة بمبادئ الحكامة الجيدة والاستجابة لتطلعات المواطنين ، وهذه الثقة تتحقق عندما يرى المواطن أن مؤسسات الدولة تتصرف بنزاهة، وتوفر له الخدمات الأساسية بكفاءة، وتحمي حقوقه، وتتيح له فرصًا للمشاركة في صنع القرار دون إكراه أو إدعان أو حيف أو تمييز.
فتحقيق الثقة بين الدولة والمواطن يتطلب تفعيل الحكامة الجيدة عبر مجموعة من الآليات والإصلاحات التي تشمل الشفافية، ربط المسؤولية بالمحاسبة، تحسين جودة الخدمات العامة، وتعزيز المشاركة المواطنة.
لتوضيح هذه الأهداف ينبغي تسطيرها على الشكل التالي:
أولا : الشفافية ومحاربة الفساد:
-العمل على نشر المعلومات الحكومية بشكل واضح وسهل الوصول إليه، مثل الميزانيات والتقارير المالية.
العمل على رقمنة المعاملات الإدارية لتقليل الاحتكاك المباشر والحد من الرشوة.
-العمل على إحداث منصات إلكترونية لتلقي الشكاوى والتبليغ عن الفساد مع ضمان الحماية القانونية للمبلغين.
أمثلة حية:
-في المغرب، تم إطلاق البوابة الوطنية للشكايات التي تمكن المواطنين من تقديم شكاواهم وتتبع معالجتها.
-تجربة إستونيا في رقمنة الإدارة بالكامل، حيث يمكن للمواطنين متابعة الإنفاق الحكومي عبر الإنترنت، مما قلل الفساد وزاد من ثقة المواطن في الدولة.
ثانيا : ربط المسؤولية بالمحاسبة:
-العمل على تفعيل دور المؤسسات الرقابية مثل المجالس الجهوية للحسابات ومؤسسة الوسيط.
-العمل على فرض عقوبات صارمة على المسؤولين المتورطين في سوء التدبير أو الفساد مع مصادرة الأموال المنهوبة .
-العمل على تعزيز استقلالية القضاء لضمان عدم الإفلات من العقاب وهو ما يجعل المواطن أكثر اماناً .
أمثلة حية:
-في المغرب، أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقارير دورية كشفت اختلالات في تدبير بعض المؤسسات العمومية، مما أدى إلى إعفاء ومحاسبة بعض المسؤولين.
-في سنغافورة، يتم فرض عقوبات مشددة على الموظفين الحكوميين المتورطين في الفساد، مما جعلها من أقل الدول فسادًا في العالم.
ثالثا : تحسين جودة الخدمات العمومية:
-عبر تطوير الإدارة الإلكترونية لتسهيل الإجراءات وتقليل البيروقراطية.
-عبر تحسين خدمات الصحة والتعليم والنقل من خلال تخصيص ميزانيات كافية وضمان تدبيرها بفعالية.
-عبر تبسيط الإجراءات الإدارية لتسهيل ولوج المواطنين إلى الخدمات الإدارية .
أمثلة حية:
-في المغرب، تم إطلاق “الشباك الوحيد” في عدة إدارات لتسريع الخدمات الإدارية.
-في الإمارات، توفر الحكومة تطبيقات ذكية تمكن المواطنين من إنجاز معاملاتهم دون الحاجة إلى التنقل للإدارات.
رابعا: تعزيز المشاركة المواطنة:
-عبر إشراك المواطنين في اتخاذ القرار من خلال الاستشارات العمومية.
-عبر تعزيز دور المجتمع المدني كوسيط بين الدولة والمواطن.
-عبر توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم عبر حملات تواصلية فعالة.
أمثلة حية:
-في المغرب، تم تنظيم مشاورات وطنية حول النموذج التنموي الجديد.
-تجربة الميزانية التشاركية في البرازيل، حيث يشارك المواطنون في تحديد أولويات الإنفاق المحلي.
خامسا : إرساء العدالة الاجتماعية وضمان المساواة:
-العمل على إصلاح النظام الضريبي لضمان عدالة توزيع الثروات.
-العمل على تحسين ظروف الفئات الهشة عبر برامج الدعم الاجتماعي.
-العمل على ضمان تكافؤ الفرص في التوظيف والتعليم والصحة.
أمثلة حية:
-في المغرب، تم إطلاق برنامج السجل الاجتماعي الموحد لضمان وصول الدعم للفئات المستحقة.
-تجربة الدول الاسكندنافية في تطبيق أنظمة ضريبية عادلة توفر خدمات اجتماعية عالية الجودة للجميع.
مخرجات هذا المقال ،الحكامة الجيدة ليست مجرد شعارات، بل تتطلب إصلاحات ملموسة تشمل الشفافية، المحاسبة، تحسين الخدمات، إشراك المواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية، كلما التزمت الدولة بهذه المبادئ، زادت ثقة المواطن بها، مما يعزز الاستقرار والتنمية والسلم الاجتماعي.