اخبار منوعة

تقلد المنصب هو تكليف وليس تشريف

عمرو العرباوي – مدير النشر

القول بأن “تقلد المنصب هو تكليف وليس تشريف” يحمل رسالة مهمة تعبر عن الطبيعة الحقيقية للمناصب والمسؤوليات العامة، حيث يُنظَر إلى المنصب على أنه واجب ومسؤولية نحو المجتمع وليس امتيازًا أو شرفًا خاصًا لصاحبه.
فتفسير هذا المعطى يتطلب تناوله وتمفصيله من عدة جوانب مختلفة وهي كالتالي :
  •  الجانب الأخلاقي
-المسؤولية الأخلاقية: تقلد المنصب يُلزِم المسؤول بخدمة الآخرين والعمل لصالحهم، ما يجعل المنصب تكليفًا يتحمله المسؤول أمام ضميره وأمام الناس، فالمسؤول يُتوقع منه أن يتصرف بأمانة ونزاهة، بعيدًا عن أي مظاهر من الأنانية أو الاستعلاء.
-أمانة وأخلاقية المنصب: المنصب هو أمانة وليس فرصة لتحقيق مصالح شخصية أو مكاسب مادية، الشخص الذي يتقلد المنصب يجب أن يدرك أن الهدف هو تحقيق مصلحة عامة، وليس تعزيز مكانته الشخصية.
  • الجانب القانوني والمهني
-تطبيق القوانين :  المنصب يُلزِم المسؤول بتطبيق القوانين والالتزام بالمراسيم التنظيمية، يعني ذلك أن الشخص في المنصب مكلف بتنفيذ واجباته وفق معايير محددة، بغض النظر عن مصالحه الخاصة.
-المسؤولية أمام القانون: المسؤول يخضع للمساءلة القانونية عند الإخلال بواجباته، ويكون مسؤولًا عن أي تقصير أو فساد، هذا التأكيد على المساءلة يظهر أن المنصب ليس امتيازًا، بل تكليف يجب الالتزام به وفق القانون ووفق مبدأ ربط المحاسبة  بالمسؤولية .
  • الجانب الإداري والعملي
-تقديم الخدمات العامة: المنصب يعني أن المسؤول مكلف بتوفير خدمات عامة وتحسين حياة الناس، وهو بذلك خادم للمجتمع، دوره ليس رفاهية، بل واجب يومي يتطلب جهدًا وتفانيًا في تلبية احتياجات المواطنين وحل مشاكلهم.
-التخطيط والتنظيم: تتطلب المناصب العليا التخطيط والتنظيم والإدارة بفعالية. فالمسؤول يجب أن يتحلى بالكفاءة والمهارات المطلوبة لتحقيق الأهداف العامة، وهذا يظهر أن المنصب وظيفة عملية وجادة وليست مكانًا للترف.
  • الجانب الاجتماعي
-تحقيق العدالة الاجتماعية: المنصب يُعتبَر وسيلة لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص، حيث يكلف المسؤول بتقديم الخدمات لجميع فئات المجتمع بشكل منصف. عليه أن يعامل الجميع بإنصاف، ما يعزز الثقة بين المواطنين والإدارة.
-التقرب من المجتمع: المسؤول الذي يرى منصبه تكليفًا سيسعى إلى فهم مشاكل الناس والاحتكاك بهم والتواصل معهم، بدلًا من الاكتفاء بمنصب بعيد عن الواقع. هذا التقارب يساعده على أداء مهامه بشكل أفضل.
  • الجانب النفسي
-التواضع وخدمة الآخرين: المسؤول الذي يدرك أن منصبه تكليف سيعيش بتواضع وسيعمل لخدمة الآخرين، عكس من يعتقد أن المنصب تشريف، والذي قد يغلب عليه الاستعلاء والغرور، فالتواضع ضروري للحفاظ على توازن الشخصية ووضوح الرؤية.
-التضحية الشخصية: تقلد المنصب يتطلب أحيانًا التضحية بالوقت والجهد وربما الحياة الشخصية، لأن المسؤول يُلزِم نفسه بتقديم كل ما يستطيع لخدمة المواطنين.
  • الجانب الاقتصادي والتنمية
-تحقيق المصلحة العامة على حساب المصلحة الخاصة: المنصب يعني أن المسؤول يجب أن يتخذ قرارات تخدم المصلحة العامة حتى لو تعارضت مع مصلحته الشخصية أو مصالحه القريبة. هذا يوضح أن المنصب يتطلب تجردًا وتضحية لتحقيق رفاه المجتمع.
-توجيه الموارد بكفاءة: المسؤول مكلف بضمان استخدام الموارد العامة بشكل فعال ومسؤول، وهذا يتطلب منه العمل بجدية لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين الخدمات والبنية التحتية.
  • الجانب الديني والقيمي
-التوجيهات الدينية والأخلاقية: يُعتبر تقلد المنصب أمانة ومسؤولية نحو الآخرين. على سبيل المثال، في الدين الإسلامي، المسؤولية تُعتبر تكليفًا أمام الله قبل الناس، والمسؤول محاسب عن كل ما يتخذ من قرارات في الدنيا والآخرة.
-الالتزام بالقيم الإنسانية: المنصب يتطلب الالتزام بالقيم الإنسانية الأساسية كالنزاهة، العدالة، والمساواة، مما يجعله تكليفًا أخلاقيًا وإنسانيًا.
مخرجات هذا المقال، يمكن التأكيد على أن تقلد المنصب هو تكليف وليس تشريف لأنه يُلزم المسؤول بخدمة الناس والمجتمع، ويضع على عاتقه مسؤوليات كبيرة، سواء كانت قانونية، اجتماعية، أخلاقية، أو دينية. فالمسؤولية تفرض على من يتقلد المنصب العمل بجد، التفاني، والشفافية لتحقيق المصلحة العامة وخدمة المجتمع، إذًا، يجب أن يُنظر إلى المنصب على أنه واجب ثقيل يتطلب الإخلاص والتضحية، وليس امتيازًا يتيح لصاحبه الاستفادة الشخصية أو التفاخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى