عمرو العرباوي / مدير النشر
نظرا لحساسية الموضوع، إرتأيت تحديد المفاهيم قبل تناول موضوع موقع او موقف قانون 31/08 من موسم التخفيضات الوهمية (بلاك فرايداي) و منظومة التجارة الالكترونية بالمغرب.
بلاك فرايداي (Black Friday) هو مصطلح يشير إلى يوم الجمعة الذي يلي عيد الشكر في الولايات المتحدة، وهو بداية موسم التسوق للعطلات، ويتميز هذا اليوم بتقديم المتاجر تخفيضات كبيرة على مجموعة واسعة من المنتجات لجذب العملاء.
الاسم “بلاك فرايداي” بدأ استخدامه في ستينيات القرن الماضي، حيث يشير إلى تحول الحسابات التجارية من اللون الأحمر (الذي يدل على الخسارة) إلى اللون الأسود (الذي يدل على الربح) بسبب حجم المبيعات الكبير في ذلك اليوم.
مع مرور الوقت، انتشر مفهوم بلاك فرايداي في العديد من الدول حول العالم، وأصبح يومًا عالميًا للتسوق يقدم فيه التجار عروضًا مغرية سواء في المتاجر التقليدية أو عبر الإنترنت.
منظومة التجارة الإلكترونية تشير إلى الإطار الكامل الذي يشمل جميع العمليات، الأدوات، والأنظمة اللازمة لإجراء وتنظيم عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت، هذه المنظومة تتضمن مجموعة من المكونات والعناصر التي تعمل معاً لتوفير تجربة متكاملة وسلسة للبائعين والمشترين على حد سواء.
•المكونات الأساسية لمنظومة التجارة الإلكترونية:
-المنصات الرقمية:
•مواقع التجارة الإلكترونية (مثل أمازون وسوق.كوم).
•التطبيقات المخصصة (مثل تطبيقات المتاجر).
-أنظمة الدفع الإلكتروني:
•بوابات الدفع (مثل PayPal، Stripe).
•حلول الدفع عبر البطاقات البنكية والمحافظ الإلكترونية.
-الخدمات اللوجستية:
•خدمات الشحن والتوصيل.
•أنظمة تتبع الشحنات.
-إدارة المخزون:
•أنظمة إدارة المنتجات والمخزون.
•تخطيط الموارد لضمان توفر المنتجات.
-التسويق الرقمي:
•الإعلانات عبر الإنترنت.
•تحسين محركات البحث (SEO) ووسائل التواصل الاجتماعي.
-الأمن السيبراني:
•تأمين المعلومات المالية والشخصية.
•نظم الحماية ضد الاحتيال والاختراق.
– القوانين والتشريعات:
•قوانين حماية المستهلك.
•قوانين حماية البيانات والخصوصية.
•أهمية منظومة التجارة الإلكترونية:
•تسهيل عملية البيع والشراء بشكل سريع ومريح.
•توفير خيارات واسعة للمستهلكين.
•تعزيز النمو الاقتصادي من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
•تقليل التكاليف مقارنة بالتجارة التقليدية، منظومة التجارة الإلكترونية تشمل كل ما يتعلق بإنشاء وتشغيل وإدارة الأعمال التجارية عبر الإنترنت بطريقة متكاملة وفعالة.
قانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك في المغرب وُضع لتوفير إطار قانوني يضمن حقوق المستهلكين ويحميهم من الممارسات غير المشروعة، بما في ذلك التضليل والإعلانات الكاذبة. ومع ذلك، فإن تطبيق القانون في سياق مثل “بلاك فرايداي” وما يصاحبه من تخفيضات وهمية يواجه تحديات كبيرة، مما يعكس بعض الإشكاليات:
– الممارسات التجارية الملتوية:
•الكثير من المتاجر ترفع الأسعار قبل موسم التخفيضات ثم تخفضها لتظهر وكأنها تقدم عروضًا كبيرة، هذا يُعد تضليلًا واضحًا ويخالف مقتضيات قانون حماية المستهلك، الذي يوجب الشفافية في الإعلانات والعروض.
•غياب رقابة صارمة على مصداقية التخفيضات يجعل المستهلك ضحية لممارسات تجارية غير نزيهة.
– غياب تدخل فعال لجمعيات حماية المستهلك:
•رغم وجود جمعيات حماية المستهلك، إلا أن تأثيرها يبقى محدودًا لعدة أسباب:
•ضعف الموارد: الجمعيات غالبًا ما تفتقر إلى التمويل أو القدرات البشرية اللازمة لرصد المخالفات بشكل واسع.
•نقص الوعي القانوني: العديد من الجمعيات والمستهلكين أنفسهم ليسوا على دراية كافية بحقوقهم وكيفية استغلال القانون للدفاع عنها.
•تأثير اللوبيات: بعض المصالح التجارية الكبيرة قد تُمارس ضغوطًا تُقلل من فعالية عمل هذه الجمعيات ، اظافة إلى تواطئ بعض جمعيات المستهلك مع بعض الشركات والمتاجر بالرغم من وجود خروقات وتجاوزات سواء من خلال نقص الجودة او انتهاء مدة صلاحية المنتج او من خلال رصد مخالفات (أثمنة تمويهية ).
– ضعف آليات الرقابة والتنفيذ:
•على الرغم من أن القانون ينص على عقوبات واضحة للمخالفين، إلا أن تطبيقه على أرض الواقع يواجه:
•بيروقراطية: تعقيدات قانونية تجعل من الصعب على المستهلك أو الجمعيات إثبات التلاعب.
•غياب آليات رقابة متطورة: مثل أنظمة إلكترونية لمراقبة الأسعار قبل وبعد التخفيضات.
– دور المستهلك نفسه:
•المستهلك غالبًا ما يفتقر إلى الوعي الكافي بحقوقه وبكيفية التمييز بين التخفيضات الحقيقية والوهمية.
•الهوس بالعروض يجعل البعض يقبل على الشراء دون تحقق أو مراجعة.
•ما الحل؟
-تعزيز دور جمعيات حماية المستهلك:
•تمكين الجمعيات من موارد كافية وتأطير قانوني قوي يمكنها من التدخل الفعال.
•إطلاق حملات توعية شاملة لتعريف المستهلكين بحقوقهم.
-تطبيق صارم للقانون:
•إنشاء فرق رقابة ميدانية متخصصة خلال مواسم التخفيضات.
•فرض عقوبات رادعة على المتاجر التي يثبت تورطها في التضليل.
-تفعيل الرقابة الرقمية:
•استخدام تقنيات مثل المنصات الإلكترونية لمراقبة أسعار المنتجات قبل وبعد موسم التخفيضات.
-دور الإعلام:
•الإعلام يمكن أن يكون شريكًا فعالًا في كشف التجاوزات وتسليط الضوء على الحالات المخالفة.
مخرجات هذ المقال ، واقع الحال أن موسم “بلاك فرايداي” يمثل تحديًا حقيقيًا لاختبار مدى فعالية قانون حماية المستهلك
و الهيئات الموكول لها تنزيل مقتضياته، مما يستدعي تدخلًا جماعيًا من الدولة والجمعيات والمجتمع المدني لضمان حماية المستهلكين وتعزيز الثقة في السوق المحلية.