موقف المملكة المغربية اتجاه حق الشعب الفلسطيني وفصل الدولتين قار ولا يمكن المزايدة عليه من اي كان
عمرو العرباوي – مدير النشر
الموقف المغربي تجاه القضية الفلسطينية، وخاصة دعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ثابت وقار على مر العقود.
لفهم هذا الموقف بشكل دقيق ينبغي النظر إلى عدة عوامل تاريخية وسياسية واستراتيجية، وكذلك الأبعاد الدينية والثقافية التي تربط المغرب بالقضية الفلسطينية:
- العامل التاريخي: المغرب له تاريخ طويل من دعم القضية الفلسطينية، يعود إلى فترة ما بعد الاستقلال، كان الملك الراحل الحسن الثاني مدافعًا صريحًا عن حقوق الفلسطينيين، وظل الموقف المغربي ثابتًا في دعم حل الدولتين كحل سلمي وعادل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، هذا الموقف استمر مع العاهل المغربي الملك محمد السادس حفظه الله ، الذي يترأس لجنة القدس، التي أنشئت عام 1975 من قبل منظمة التعاون الإسلامي للدفاع عن الوضع القانوني والديني لمدينة القدس.
- البعد الديني والثقافي: المغرب يتمتع بمكانة خاصة في العالم الإسلامي بسبب تاريخه العريق ودوره في الحفاظ على التراث الإسلامي، هذا يشمل الدفاع عن الأماكن المقدسة في القدس، كما يعتبر المغاربة أن القضية الفلسطينية هي قضية إسلامية وعربية وإنسانية، وهذه الروابط الروحية والتاريخية تجعل من الصعب على المغرب أن يتخلى عن دعمه للقضية الفلسطينية.
- الدور السياسي الإقليمي: المغرب يسعى إلى لعب دور محوري في السياسة الإقليمية والدولية، ودعمه لحل الدولتين ينبع من رغبته في تعزيز السلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فالمغرب يؤمن بأن حل الدولتين، الذي يقضي بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم وعادل، وهذا الحل يحظى بتوافق دولي واسع، والمغرب يسعى للمساهمة في تحقيقه.
- المصالح الوطنية المغربية: بالرغم من التطبيع الأخير مع إسرائيل من خلال اتفاقيات أبراهام في 2020، حافظ المغرب على موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية، فالتوازن الذي يسعى المغرب للحفاظ عليه بين مصالحه الوطنية وارتباطه بالقضية الفلسطينية يتمثل في التأكيد المستمر على حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم، وهذه النقطة تُظهر كيف أن المغرب قادر على الحفاظ على علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون التخلي عن موقفه الداعم للفلسطينيين.
- الموقف من التطبيع: رغم العلاقات الرسمية مع إسرائيل، يُشدد المغرب على أن هذا لا يعني التخلي عن دعمه للفلسطينيين، المغرب يرى أن العلاقات مع إسرائيل قد تتيح له فرصة للعب دور وساطة في تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أن هذا الموقف يعكس رغبة المغرب في الحفاظ على علاقاته الإقليمية والدولية دون أن يؤثر ذلك على مبادئه الأساسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
- الدعم الإنساني والمالي: المغرب لم يكتفِ فقط بالدعم السياسي والدبلوماسي للقضية الفلسطينية، بل قدّم مساعدات إنسانية ومالية للفلسطينيين، خصوصاً في فترات الأزمات، وهذا الدعم يشمل بناء المرافق الصحية والتعليمية والإعمار في المناطق الفلسطينية، وخاصة في القدس الشرقية، فالمغرب يسعى للحفاظ على الهوية العربية والإسلامية لمدينة القدس عبر مشاريع تمويلية تنفذها لجنة القدس، التي يرأسها الملك محمد السادس.
- الدور الدبلوماسي في المحافل الدولية: على الصعيد الدولي، كان المغرب دائمًا من الدول التي تطرح القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة وفي كافة المنظمات الدولية والإقليمية، الموقف المغربي يعتبر أن القضية الفلسطينية ليست فقط مسألة عربية أو إسلامية، بل هي قضية دولية تتعلق بحقوق الإنسان والقانون الدولي، المغرب يدعو باستمرار إلى احترام قرارات الأمم المتحدة التي تنص على حل الدولتين ويعارض أي إجراءات أحادية من جانب إسرائيل، مثل الاستيطان وتهويد القدس.
- التضامن الشعبي المغربي مع فلسطين: الشعب المغربي لديه تاريخ طويل من التضامن مع الشعب الفلسطيني، وهناك مشاعر عميقة من التعاطف والتضامن الشعبي مع الفلسطينيين، سواء من خلال المظاهرات أو حملات الدعم المادي والمعنوي، هذا التضامن يعزز الموقف الرسمي ويمنحه دعماً شعبياً قوياً.
- التوازن الاستراتيجي في العلاقات مع إسرائيل: رغم انخراط المغرب في اتفاقيات أبراهام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، فإن السياسة الخارجية المغربية تحاول الموازنة بين المصالح الوطنية والعلاقات الإقليمية والدولية، من خلال الانفتاح على إسرائيل، يحاول المغرب تحقيق مكاسب اقتصادية وأمنية دون التنازل عن مواقفه المبدئية المتعلقة بدعم الفلسطينيين، هذه المقاربة تعتبر محاولة للاستفادة من تطبيع العلاقات دون التضحية بالقيم التي ترتكز على العدالة وحقوق الإنسان.
الموقف الراهن في سياق التطورات الإقليمية:
في ظل التطورات الأخيرة في المنطقة، مثل تغير مواقف بعض الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية، يتمسك المغرب بثباته فيما يتعلق بحل الدولتين كخيار وحيد لحل الصراع، فالمغرب يرفض أي محاولة للالتفاف على هذا الحل أو فرض تسويات غير عادلة، ويواصل دعمه للمبادرات الدولية التي تدعم حقوق الشعب الفلسطيني.
مخرحات هذا المقال ، يمكن اعتبار الموقف المغربي تجاه القضية الفلسطينية مبني على أسس عميقة تتعلق بالتاريخ والهوية والدين والسياسة الدولية، هذا الموقف يظهر التزاماً قوياً بدعم حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة وحقوق الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، لا تزال المملكة المغربية متمسكة بموقفها الثابت، معتبرةً أن الدفاع عن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة أمر لا يمكن المساومة عليه، ويعكس قيم العدالة والكرامة التي يتبناها المغرب في سياسته الخارجية.