هل حرية التعبير تعني المساس بحرية الاخرين

عمرو العرباوي – مدير النشر
حرية التعبير هي حق أساسي من حقوق الإنسان، وتعني قدرة الفرد على التعبير عن آرائه وأفكاره ومعتقداته بحرية دون خوف من العقاب أو التمييز، ولكن هذه الحرية ليست مطلقة، فكما يملك الفرد الحق في التعبير، يملك الآخرون أيضًا حقوقًا أخرى يجب احترامها، مثل الحق في الكرامة، الخصوصية، والسلامة.
إذن، لا يمكن أن تُستخدم حرية التعبير كذريعة للمساس بحرية أو حقوق الآخرين، هنا يأتي مفهوم “التوازن” بين حرية التعبير وحقوق الآخرين، يجب على كل فرد أن يكون واعيًا بأن استخدامه لحقه في التعبير يجب أن يكون مسؤولًا ولا يؤدي إلى الإساءة أو التشهير أو التحريض على الكراهية أو العنف.
على سبيل المثال:
- السب والقذف: حرية التعبير لا تشمل توجيه إهانات أو نشر أكاذيب أو تشويه سمعة الآخرين.
- التحريض على العنف أو الكراهية: لا يمكن تبرير التحريض ضد جماعة معينة أو التحريض على العنف ضد أفراد أو فئات باسم حرية التعبير.
- انتهاك الخصوصية: نشر معلومات شخصية دون إذن يمكن أن يكون انتهاكًا لخصوصية الأفراد، حتى لو تم ذلك تحت شعار “حرية التعبير”.
- احترام المشاعر الدينية والثقافية: حرية التعبير تتيح للفرد الحق في التعبير عن رأيه في الدين والثقافة، ولكن يجب أن يتم ذلك في إطار من الاحترام وعدم الاستهزاء أو الإساءة، فالهجوم على معتقدات دينية أو ثقافية بشكل مباشر يعني إثارة الفتن والنزاعات في المجتمع، لذلك، تحرص الكثير من الدول على وضع قوانين تمنع الإساءة للأديان أو التحريض على الكراهية الثقافية.
- الأمان المجتمعي: حرية التعبير لا يمكن أن تُستخدم لتبرير خطاب يحرض على زعزعة الاستقرار والأمن العام، أي دعوة للعنف أو الفوضى قد تؤدي إلى عقوبات قانونية لأن الحفاظ على سلامة المجتمع أولى من الحق الفردي في التعبير الذي قد يضر بالجميع.
- الحفاظ على النظام العام والأخلاق العامة: فالدولة تضع قيودًا على حرية التعبير عندما يتعلق الأمر بالأخلاق العامة والنظام العام، على سبيل المثال، تُحظر المواد التي تعتبر فاحشة أو تنتهك القيم الأخلاقية للمجتمع، حتى لو كانت تلك المواد نوعًا من التعبير الفني أو الأدبي.
التوازن بين الحرية والمسؤولية:
حرية التعبير هي حجر الأساس للديمقراطية والتعددية، فهي تسمح بالنقد البناء، الحوار، والإصلاحات الاجتماعية والسياسية. ولكن هذه الحرية لا بد أن تكون مرفوقة بالمسؤولية الاجتماعية والقانونية. فالاعتداء على حقوق الآخرين أو تعريض المجتمع للخطر لا يمكن أن يُعتبر تعبيرًا حرًا، بل يُصبح تجاوزًا لحقوق الأفراد والمجتمع.
خلاصة القول ، إن حرية التعبير في المجتمع العادل يجب أن تكون متوازنة مع القيم الأخلاقية، الحقوق الفردية، واحترام النظام العام، ويجب مواجهة كل أشكال التعبير التي تنتهك حقوق الغير سواء كان شخصا طبيعيا او معنويا وفق إطار قانوني وتنظيمي يحمي هذه الحقوق من الإساءة أو التعدي عليها، حتى يسود الامن والاستقرار والسلم الاجتماعي.