اخبار منوعة

إشراك الشباب في صياغة السياسات العمومية: رهان استراتيجي لمستقبل المغرب

برشيد : ذا عمرو العرباوي / مدير النشر
تلوح في الأفق اليوم ملامح التحولات التي يعيشها المغرب، في سعيه لبناء نموذج تنموي جديد أكثر عدالة ونجاعة، ضمن هذه التحولات، يبرز مطلب إشراك الشباب في صياغة وتنفيذ السياسات العمومية كأحد الرهانات الحاسمة لضمان استدامة الإصلاحات وتجديد الثقة بين الدولة والمجتمع.
فالشباب المغربي، الذي يمثل حوالي 34% من مجموع سكان البلاد (حسب المندوبية السامية للتخطيط)، يواجه تحديات مركبة تتعلق بالبطالة، والهشاشة، وضعف التمثيلية، ما يجعله بحاجة إلى فضاءات حقيقية تتيح له التأثير في القرارات العمومية التي تمس حياته اليومية ومستقبله.
كيف يمكن تحقيق إشراك فعلي للشباب؟
تحقيق هذا الهدف يتطلب مقاربة واضحة ومتكاملة، يمكن تلخيص مداخلها في ما يلي:
1-تمكين الشباب من المهارات والمعرفة
-تعزيز قدراتهم في فهم الشأن العام والسياسات العمومية
-دعم التربية على قيم المشاركة والحكامة الجيدة
-تحفيزهم على التكوين المستمر في قضايا التدبير العمومي
•مثال: برامج التكوين التي أطلقتها وزارة الشباب والثقافة والتواصل في إطار “أكاديمية الشباب” لتأهيل الشباب للمشاركة السياسية
2-فتح قنوات المشاركة الفعلية
-إحداث مجالس شبابية محلية وجهوية منتخبة بشكل ديمقراطي
-تفعيل آليات التشاور العمومي الرقمي لتسهيل مشاركة الشباب
-إشراكهم في اللجان الاستشارية داخل الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية
•مثال: تجربة المجلس الوطني للشباب والعمل الجمعوي الذي أنشئ سنة 2023، كهيئة استشارية تعطي الكلمة للشباب في القضايا العمومية
3-توفير الإرادة السياسية الحقيقية
-تبني قوانين واضحة تفرض إشراك الشباب في مراحل صياغة وتتبع وتقييم السياسات
-إلزام الأحزاب السياسية بتجديد نخبها وإتاحة الفرص للقيادات الشابة
-تفعيل مبدأ التمييز الإيجابي عبر تخصيص نسب تمثيلية ملزمة
•بيان واقعي: عدد الشباب البرلمانيين المغاربة لا يتجاوز 6% من مجموع أعضاء مجلس النواب، رغم أن نسبتهم الديمغرافية أكبر بكثير، وهو ما يكشف ضعف تمثيليتهم
4-التواصل المستمر والشفاف
-تطوير حملات تحسيسية وإعلامية تشرح للشباب حقوقهم وأدوارهم
-ضمان انفتاح المؤسسات العمومية على مقترحاتهم
-الاعتراف بالمبادرات الشبابية الناجحة ودعمها
•مثال: منصات رقمية مثل chabaka.ma التي تسمح للشباب بتقديم مقترحات ومتابعة القوانين قيد الدراسة
من القول إلى الفعل: مسؤولية جماعية
إن إشراك الشباب لا يجب أن يظل مجرد شعار يزين الخطابات الرسمية، بل يتعين تنزيله بآليات دقيقة، ومؤشرات واضحة لقياس مدى تقدمه، حتى لا يتحول إلى وعود جوفاء، فالشباب المغربي يمتلك من الطاقات والأفكار ما يجعله قادرا على الإسهام بفعالية في رسم معالم السياسات العمومية، شرط أن يجد من يصغي إليه، ويمد له جسور الثقة والتعاون.
ولعل تجربة بعض المبادرات الشبابية، كبرامج المواطنة الفعالة التي تقودها جمعيات المجتمع المدني بشراكة مع الجماعات المحلية، تمثل نموذجا مشجعا لإدماج الشباب في بلورة الحلول التنموية محليا.
مخرجات هذا المقال ، إن المغرب اليوم، وهو يخوض غمار إصلاحات هيكلية في مجالات التنمية والحكامة، مدعو أكثر من أي وقت مضى إلى جعل إشراك الشباب قاعدة صلبة لبناء المستقبل، لا مجرد خيار ظرفي.
ذلك أن الاستثمار في إشراك الأجيال الصاعدة هو استثمار في استقرار الوطن، ورافعة لا غنى عنها لتجديد نخبه وتقوية مساره الديمقراطي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى