الارتقاء بالعمل الصحفي: مسؤولية أخلاقية في مواجهة التفاهة والابتذال

برشيد : ذا عمرو العرباوي/ مدير النشر
في زمن طغت فيه عناوين الإثارة وسطحية المحتوى على جزء كبير من المشهد الإعلامي، باتت الحاجة ملحة إلى إعادة الاعتبار لمهنة الصحافة كرافعة للتنوير وحامية للقيم والمجتمع، لقد أصبح بعض الإعلام يميل إلى التفاهة، وينساق وراء ما يجلب نسب المشاهدة على حساب الضوابط الأخلاقية، بل ويتجرأ أحيانًا على اقتحام الحياة الخاصة للناس دون مبرر مهني مشروع.
إن الصحافة الحقيقية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن ترتقي بخطابها وأسلوب عملها، وأن تبتعد عن الارتجال والبحث عن الشهرة السريعة عبر الإساءة للآخرين أو الخوض في أعراضهم، فحرية التعبير، وهي ركن أساسي في العمل الصحفي، لا تعني بأي حال من الأحوال التطاول على خصوصيات الناس أو التشهير بهم أو اغتيال سمعتهم دون قرائن.
كما أن قيمة الصحفي لا تقاس بقدر ما يثير من جدل، بل بقدر ما يتحلى به من مهنية ورصانة في نقل الخبر، والبحث عن الحقيقة، واحترام كرامة الأفراد، فالصحافة رسالة قبل أن تكون حرفة، ورسالة سامية تحتم الالتزام بقيم النزاهة والدقة والموضوعية، والابتعاد عن ترويج الشائعات والأكاذيب.
إن الارتقاء بالعمل الصحفي يتطلب من الصحفيين تطوير مهاراتهم، والاطلاع المستمر على القوانين المنظمة للمهنة، والتزود بأخلاقيات المهنة التي تجرّم المساس بالحياة الشخصية للناس دون موجب مصلحة عامة واضحة. كما يتطلب من المؤسسات الإعلامية توفير تكوين مستمر لصحفييها، وتشجيع الجودة بدل التسطيح والابتذال.
إن مجتمعًا يُراد له التقدم بحاجة إلى صحافة واعية، تساهم في البناء لا في الهدم، صحافة تحترم الإنسان، وتقدر حرمته، وتدافع عن حقه في الخصوصية كما تدافع عن حقه في المعلومة.
مخرجات هذا المقال ، ما ينبغي علينا معرفته هو أن الصحافة تظل أداة تنوير لا وسيلة تشهير، ومن واجب جميع الصحفيين أن يتذكروا أن الكلمة أمانة، وأن احترام أخلاقيات المهنة هو الطريق الأكيد نحو بناء ثقة الجمهور، وترسيخ دور الصحافة كسلطة رابعة نزيهة ومستقلة وفاعلة.