اخبار منوعة

التوظيف السياسي المارق لدى الاحزاب أفسد النقاش العمومي بالمغرب :

عمرو العرباوي – مدير النشر
حتى نقدم للقارئ مقاربة شاملة واضحة عن هذا الموضوع، ينبغي أن نعمل على التعريف به لغة واصطلاحا .
لغة : التوظيف مشتق من “وظف ” أي خصص شيئا لاستخدام معين ، والسياسة تعني تدبير شؤون الناس وإدارة الدولة .
واصطلاحا : التوظيف السياسي هو استغلال قضية أو حدث أو موقف معين لتحقيق مكاسب سياسية ، سواء لتعزيز شعبية حزب أو شخص سياسي ، أو لتبرير سياسات معينة ، أو للتأثير على الرأي العام ، قد يكون هذا التوظيف مشروعا إذا كان في اطار الدفاع عن القضايا العادلة ، لكن يصبح سلبيا إذا كان يستغل مشاعر الناس ، أو يغير الحقائق ، أو يخدم مصالح ضيقة على حساب المصلحة العامة .
لتوضيح  هذا التوجه الخطير يقتضي الأمر تناول هذا التوظيف من عدة جوانب :

أولا : ميكانيزمات التوظيف السياسي في المغرب: تعتمد الأحزاب في المغرب على عدة ميكانيزمات للتوظيف السياسي، منها:

-استغلال القضايا الاجتماعية: تركيز الخطاب على قضايا مثل البطالة، الصحة، والتعليم، ليس بهدف إيجاد حلول واقعية، بل لكسب التعاطف الشعبي واستمالة الناخبين.
-تحوير النقاش العمومي: تحويل النقاش من قضايا جوهرية (مثل الإصلاحات السياسية والاقتصادية) إلى قضايا ثانوية أو مفتعلة، لتوجيه الرأي العام بعيدًا عن المساءلة الحقيقية.
-استغلال الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي: توظيف الإعلام الحزبي أو الممول لخدمة أجندات معينة، ونشر معلومات مضللة أو مغلوطة لتشويه الخصوم.
-اللجوء إلى الخطابات الشعبوية: استخدام خطابات عاطفية ومؤثرة لتأجيج المشاعر، بدل تقديم برامج سياسية واقتصادية واضحة وقابلة للتطبيق.
ثانيا : تأثير التوظيف السياسي على النقاش العمومي: إفساد النقاش العمومي يتم عبر عدة أوجه:
-تهميش القضايا الحقيقية: بدلًا من التركيز على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، يتم تضخيم قضايا هامشية أو استخدام لغة التخوين والمزايدات السياسية.
-الاستقطاب الحاد بين الأطراف: يتحول النقاش إلى صراع بين مؤيدين ومعارضين دون وجود حوار بناء أو مساحة للنقاش العقلاني.
-إضعاف ثقة المواطن في السياسة: عندما يرى المواطن أن الأحزاب تستغل مشاكله بدل البحث عن حلول لها، فإنه يفقد الثقة في العمل السياسي وبالتالي الابتعاد عنه .
-تقويض الفعل الديمقراطي: غياب النقاش الجاد يؤدي إلى ضعف المعارضة الحقيقية، مما يكرس هيمنة القوى التقليدية على المشهد السياسي دون محاسبة فعلية.
ثالثا : أسباب تفشي الظاهرة في المغرب:
-ضعف الثقافة السياسية لدى فئات واسعة من المواطنين، مما يجعلهم عرضة للتلاعب الخطابي.
 -غياب مؤسسات مستقلة قادرة على ضبط النقاش العمومي،كالإعلام الحر ومراكز التفكير المستقلة.
-هيمنة المصالح الحزبية والشخصية على حساب الصالح العام، حيث تقدم الأحزاب الولاءات والمصالح الضيقة على حساب القضايا الجوهرية.
-ضعف آليات المساءلة والمحاسبة، مما يسمح للأحزاب بممارسة التوظيف السياسي دون تداعيات حقيقية.
رابعا: كيف يمكن إصلاح الوضع؟
يمكن اصلاح  هذا الأمر عن طريق تعزيز الوعي السياسي لدى المواطنين عبر التربية السياسية  والإعلام المستقل والحر .
-فرض قوانين تضمن نزاهة النقاش العمومي، مثل محاربة الأخبار الزائفة والمغالطات السياسية.
-تشجيع الأحزاب على تقديم برامج حقيقية  يمكن تنزيلها إلى ارض الواقع بدل الخطابات الشعبوية.
-إصلاح الإعلام ليكون أكثر مهنية واستقلالية، بعيدًا عن التوجيه الحزبي.
-تمكين مؤسسات المجتمع المدني من لعب دور أكبر في مراقبة أداء الأحزاب والمساهمة في النقاش العمومي.
مخرحات هذا المقال ، التوظيف السياسي للأحزاب في المغرب هو أحد أكبر العوامل التي تفسد النقاش العمومي، حيث يتم استغلال القضايا الوطنية لأغراض حزبية ضيقة بدل العمل على حلها، ومعالجة هذه الظاهرة تتطلب وعيًا مجتمعيًا، وإصلاحات سياسية، وإعلامًا مستقلًا قادرًا على ضبط المجال العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى