اخبار منوعة
الرجوع إلى الله أصل الصواب وبوصلة الاستقامة في زمن الاضطراب

ذا عمرو العرباوي/ مدير النشر
في زمن تتقاطع فيه الأزمات الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية، ويضيع فيه الإنسان بين كثرة الخطابات وتعدد المرجعيات، يبرز مبدأ أصيل ظلّ عبر التاريخ مرشدًا للأفراد والمجتمعات نحو الاستقامة والتوازن: الرجوع إلى الله تعالى أصل الصواب في كل شيء، هذه العبارة ليست مجرد حكمة روحانية أو دعوة وعظية، بل هي قاعدة إنسانية عميقة ترتكز على فهم لطبيعة الإنسان ولحاجته إلى مرجعية ثابتة تُنير الطريق وسط زحمة التيه.
1-معنى الرجوع إلى الله: إعادة ضبط البوصلة
الرجوع إلى الله يعني العودة إلى قيمه، إلى شرعه، إلى الأخلاق التي أمر بها، وإلى منظومة السلوك التي تحفظ للإنسان كرامته وللمجتمع استقراره، إنه عودة إلى الفطرة التي فُطر الإنسان عليها قبل أن تفسدها الشهوات، والضغوط، والتنافس المحموم، والانغماس في الاستهلاك والذاتية.
هذا الرجوع ليس طقسًا لحظيًا، بل عملية وعي وإصلاح مستمرة تجعل الإنسان يقف مع نفسه وقفة محاسبة، يعيد فيها تقييم قراراته وتوجهاته، ويسعى إلى تصحيح مساره وفق مبادئ الحق والخير.
2-عندما تغيب المرجعية الإلهية تختل الموازين
التجارب الإنسانية عبر التاريخ تثبت أن المجتمعات التي تفقد مرجعيتها الأخلاقية تقع في اضطراب دائم، وحين يتحول الإنسان إلى مركز الكون دون ضوابط، يصبح الهوى هو الحاكم، وتضيع الحدود الفاصلة بين الصواب والخطأ.
في غياب الرجوع إلى الله: تتفكك العلاقات الاجتماعية، وتُشرعن الأنانية تحت مسمى “الحرية الفردية”، وتضعف المسؤولية الجماعية وتتراجع قيم التضامن يتحول المال والسلطة إلى غايات بدل أن يكونا وسائل.
هذه الاختلالات ليست نظرية، بل نعيشها يوميًا في مظاهر الفساد الأخلاقي، العنف، غياب الثقة، وتضخم النزعات المادية على حساب الروح والقيم.
3-الرجوع إلى الله مشروع إصلاح شامل
إن العودة إلى الله ليست شعارًا دينيًا، بل مشروع إصلاح فردي وجماعي يمكن أن يشكل أساسًا لتجديد المجتمع، ويتضمن هذا المشروع عناصر عملية، منها:
أولًا: إصلاح الذات، يقتضي تهذيب الأخلاق وتهدئة النفس من الجشع والغضب، وإحياء الضمير الذي يراقب السلوك قبل القانون،استحضار المسؤولية أمام الله قبل المسؤولية أمام الناس.
ثانيًا: إصلاح العلاقات الاجتماعية ، تنشر العدل والنزاهة في التعامل، ترسخ
قيم الرحمة والتآزر، وتقوي الروابط الأسرية ومواجهة التفكك الذي يعصف بالمجتمعات الحديثة.
ثالثًا: إصلاح العمل والمؤسسات، اعتماد النزاهة في الوظائف العمومية والقطاع الخاص، مكافحة الفساد باعتباره خيانة أخلاقية قبل أن يكون مخالفة قانونية، ترسيخ ثقافة المسؤولية بدل ثقافة الإفلات من العقاب.
4-العودة إلى الله ليست انعزالًا بل حضارية مستقبلية
البعض يظن أن الرجوع إلى الله يعني الانسحاب من العالم أو التراجع عن التطور، لكن الحقيقة على العكس تمامًا، فالقيم الدينية الصحيحة: تحفز على احترام الإنسان،
وتدعم العلم والاجتهاد، وتدعو إلى إتقان العمل، وتزرع الشعور بالطمأنينة الذي يعزز الإبداع.
إنها مرجعية تجمع بين الروح والعقل وبين الدنيا والآخرة، وتُخرج الإنسان من دائرة القلق الوجودي إلى فضاء الطمأنينة والفلاح.
مخرجات هذا المقال، في زمن تتغير فيه المواقف بتغير المصالح، وتُصاغ فيه الحقيقة حسب الرواج والطلب، يظل الرجوع إلى الله البوصلة الوحيدة الثابتة التي تقود الإنسان نحو الصواب.
إنه دعوة لإحياء الضمير، لتصحيح السلوك، ولتجديد العلاقة بين الإنسان وخالقه، حتى يُعمّر الأرض بما ينفع، ويساهم في بناء مجتمع متوازن ينهض على قيم الخير والعدل والرحمة، الرجوع إلى الله ليس مجرد شعار إنه طريق حياة.



