لا مفر من الحوار فالوطن أكبر من الحسابات الضيقة

ذا عمرو العرباوي/ مدير النشر
ما يجري اليوم في شوارع بلادنا ليس مجرد احتجاجات عابرة، بل ناقوس خطر يعلن أن الفجوة بين الشباب والدولة اتسعت إلى حدٍ لا يمكن تجاهله “جيل زد” الذي خرج مطالباً بالصحة والتعليم والشغل ومحاربة الفساد، تحوّل في بعض مساراته إلى أعمال شغب وتخريب، فكان الوطن هو الضحية الأولى.
أمام هذا المشهد، الحكومة تعرض الحوار لكن السؤال: هل يكفي الإعلان أم أن المطلوب شجاعة سياسية تقرن القول بالفعل؟
الحوار ليس منّة من أحد، بل هو حق للشباب وواجب على الدولة.
أولاً: الثقة قبل الكراسي
لا يمكن لحوار أن ينجح في ظل هذا الاحتقان المجتمعي ، الثقة لا تُمنح بالكلام، بل بإجراءات عملية: الإفراج عن المعتقلين السلميين، وقف الملاحقات العشوائية، والتحقيق في التجاوزات، عندها فقط يمكن للشارع أن يصدق أن النية صادقة.
ثانياً: الوسيط المحايد
لا أحد يثق في الآخر: الأحزاب متهمة، النقابات متآكلة، والمجتمع المدني في قفص الاتهام، إذن من يتقدم؟
الجواب هو وساطة مركبة: المجلس الوطني لحقوق الإنسان، النقابات الجادة، منظمات المجتمع المدني، وخبراء مستقلون، هذه الجهات مجتمعة يمكنها أن تمنح غطاءً من المصداقية للحوار.
ثالثاً: الشباب شركاء لا قُصّر
جيل زد ليس كتلة صامتة، بل قوة حية يجب أن تُستمع لها لا أن تُحتوى، تمثيلهم في الحوار يجب أن يكون شفافاً، عبر اختيار ممثلين حقيقيين لا واجهات فالرهان ليس على الواجهة، بل على المضمون.
مخرجات هذا المقال ، فالوطن فوق الجميع، وإن أخطر ما يمكن أن يحدث اليوم هو ترك الأمور تنزلق إلى دائرة العنف، الوطن أكبر من حسابات السلطة وأوسع من غضب الشارع، نحن أمام مفترق طرق: إما أن نؤسس لحوار وطني صادق يفتح باب الإصلاح، أو نترك البلد رهينة الاحتقان والفوضى، الحوار ليس ترفاً ولا تنازلاً، بل هو الطريق الوحيد لإنقاذ الوطن.