القضاء القرب المسؤول القرب: معادلة تنتصر فيها العدالة للمواطن.

برشيد :ذا عمرو العرباوي/ مدير النشر
في ظل التحولات التي تشهدها الإدارة الترابية والقضائية بالمغرب، تبرز مفاهيم جديدة تعكس توجه الدولة نحو تكريس الحكامة الجيدة والعدالة الاجتماعية، ومن بين هذه المفاهيم المتقاطعة والمرتبطة عضوياً: “قضاء القرب” و*“مسؤول القرب”*،وحينما يجتمع هذان العنصران في ممارسة فعلية وواقعية، تكون النتيجة الحتمية هي انتصار العدالة، بكل تجلياتها الإنسانية والاجتماعية والتنموية.
قضاء القرب: العدالة في متناول المواطن
قضاء القرب لا يعني فقط تقريب المحاكم من المتقاضين، بل يتجاوز ذلك ليشمل جعل العدالة مفهومة، ميسّرة، ومجانية قدر الإمكان، يتعلق الأمر بإحداث آليات قضائية مرنة تراعي البعد الاجتماعي للمواطن البسيط، وتمنحه فرصة الانتصاف دون الحاجة إلى إمكانيات مالية أو ثقافية كبيرة.
ويتمثل قضاء القرب في مراكز القضاة المقيمين، وخلايا الاستماع، وتبسيط الإجراءات والمساطر، واعتماد الوسائل البديلة لحل النزاعات، بالإضافة إلى المبادرات المتنقلة التي تنقل القضاة إلى القرى والجبال والأسواق الأسبوعية.
مسؤول القرب: الإدارة بخلفية إنسانية
أما “مسؤول القرب”، فهو المفهوم الموازي في المجال الإداري والترابي، ويُقصد به ذلك الفاعل العمومي – سواء كان عامل إقليم، قائد قيادة، رئيس جماعة، أو مدير مرفق عمومي – الذي يخرج من المكاتب المكيفة، وينزل إلى الميدان، ينصت للمواطنين، يتفاعل مع مشاكلهم، ويعمل على حلها بشكل فوري، بعيداً عن البيروقراطية والجمود الإداري.
مسؤول القرب لا يشتغل من فوق، بل يشتغل من الداخل؛ من عمق المجتمع، معتمداً سياسة الباب المفتوح والإنصات التفاعلي، ما يجعل الإدارة أداة إنصاف لا آلة تعقيد.
عندما يتكامل القضاء والإدارة: تنتصر العدالة
حينما يتلاقى قضاء القرب مع مسؤول القرب، نكون أمام جهازين متكاملين يعملان لأجل هدف واحد: خدمة المواطن والإنصاف له.
تخيل مواطناً بسيطاً في قرية نائية، تُصادفه مشكلة عقارية أو اجتماعية؛ يجد في قائد المنطقة مسؤولاً قريباً منه يتفاعل معه، وفي ذات الوقت يجد قاضياً مقيماً يتخذ القرار بناءً على وقائع حقيقية لا وثائق منمقة.
إنها المعادلة التي تقضي على الظلم، وتمنع التهميش، وتزرع الثقة بين المواطن والدولة، وهي الركيزة الأساس في دولة الحق والقانون.
نموذج برشيد: إرهاصات أمل في الإدارة الترابية،
الواقع الميداني بإقليم برشيد مثلاً يشهد مؤشرات ملموسة في هذا السياق، خاصة مع الدينامية التي بدأ ينهجها عامل الإقليم الجديد، جمال خلوق، في زياراته المتواصلة، ولقاءاته المباشرة مع المواطنين، وإنصاته الدقيق لإكراهات التنمية المحلية.
هذا التوجه الإداري الحديث، إذا ما تواكب مع تجويد العمل القضائي وتكثيف آليات قضاء القرب، فإن الإقليم سيكون على موعد مع عدالة إنصافية تنموية حقيقية.
مخرجات هذا المقال ، ف“قضاء القرب + مسؤول القرب = انتصار العدالة” ليست مجرد معادلة نظرية، بل هي صيغة عملية لتحويل مفهوم العدالة من شعار دستوري إلى ممارسة يومية.
عندما تُصبح العدالة أقرب إلى الناس، وتُدار الشؤون العامة بروح القرب والتواصل، تتحقق ثقة المواطن، وتُبنى دولة قوية بمؤسساتها، عادلة في قراراتها، وقريبة من نبض مجتمعها.