اخبار منوعة

الملكية المغربية في عهد محمد السادس: صمام أمان ومناعة دولة

ذا عمرو العرباوي/ مدير النشر

منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عرش أسلافه المنعمين سنة 1999، برزت الملكية المغربية كفاعل محوري في هندسة المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمغرب، فهي ليست مجرد مؤسسة رمزية، بل إطار جامع يضمن استمرارية الدولة ويؤمن توازن السلط، ويشكل في الوقت ذاته مرجعية عليا تحمي وحدة الأمة وتوجه مسار الإصلاحات وفق المرجعيات التالية:

أولاً: الملكية كضامن لوحدة الوطن

يتميز المغرب عن غيره من التجارب الإقليمية بارتباط شرعية الملكية بعمق تاريخي وديني وسياسي، يجعلها فوق التجاذبات الحزبية والاصطفافات الإيديولوجية، هذا البعد مكّن المؤسسة الملكية من لعب دور الحكم والضامن، خصوصا في القضايا المصيرية المرتبطة بالسيادة الوطنية وعلى رأسها ملف الصحراء المغربية، فقد شكلت المبادرات الملكية—مثل مقترح الحكم الذاتي—مرجعية أساسية في كسب دعم المجتمع الدولي وترسيخ صورة المغرب كفاعل مسؤول يسعى إلى حل سياسي دائم وواقعي.

ثانياً: الاستمرارية وضبط التوازنات

في محيط إقليمي اتسم بالاضطراب منذ بداية الألفية، أثبتت الملكية قدرتها على احتواء الأزمات وضمان الاستمرارية المؤسساتية، فخلال موجة “الربيع العربي”، اختار المغرب طريق الإصلاح في ظل الاستقرار، عبر تعديل دستوري عزز صلاحيات البرلمان والحكومة، مع الحفاظ على الدور التحكيمي للملك كضامن للسير العادي للمؤسسات، وهذه المرونة السياسية حالت دون انزلاق البلاد إلى الفوضى، ورسخت صورة المغرب كاستثناء في المنطقة.

ثالثاً: تخليق الحياة العامة كخيار استراتيجي

من بين التحديات الكبرى التي واجهها المغرب تراجع ثقة المواطن في الإدارة والحياة السياسية، وقد أدرك جلالةالملك محمد السادس مبكراً خطورة هذه المعضلة، فجعل من ربط المسؤولية بالمحاسبة محوراً في خطبه الملكية، داعياً إلى إصلاحات جذرية في مجال الحكامة، إطلاق النموذج التنموي الجديد، ومراجعة آليات عمل المؤسسات العمومية، وإعادة الاعتبار للعدالة الاجتماعية، كلها خطوات تعكس إرادة ملكية صريحة في تخليق الحياة العامة وإعادة الثقة في الفعل السياسي.

رابعاً: مناعة الدولة في مواجهة التحديات

ما يميز التجربة المغربية هو قدرتها على التكيف مع الأزمات العالمية، سواء تعلق الأمر بالأزمة المالية لسنة 2008، أو جائحة كورونا، أو التحولات الجيوسياسية المرتبطة بالطاقة والأمن الغذائي، في كل هذه المحطات، برزت المؤسسة الملكية كقوة تدبيرية واستباقية، عبر إطلاق مشاريع كبرى في الطاقات المتجددة، والفلاحة المستدامة، والبنية التحتية الاستراتيجية، فضلاً عن مبادرات اجتماعية غير مسبوقة كتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة، هذه السياسات جعلت المغرب يمتلك مناعة قياسية في زمن الهشاشة والاضطراب.

مخرجات هذا المقال ، لا يخفى على الجميع أن الملكية في عهد محمد السادس ليست مجرد إطار مؤسساتي، بل هي ركيزة وجودية للدولة المغربية، فهي صمام الأمان الذي يحفظ الوحدة والسيادة، وفاعل إصلاحي يسعى إلى تحديث الدولة وتخليق الحياة العامة، وإذا كان نجاح التجربة المغربية في جانب كبير منه راجعاً إلى حكمة الملكية ومرونتها، فإن الرهان المستقبلي يتمثل في جعل هذه المكتسبات قاعدة صلبة لإرساء تنمية شاملة ومستدامة، تعزز تماسك الوطن وتدفعه نحو الريادة في محيط إقليمي ودولي متحول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى