اخبار منوعة

غياب الكفاءة في تحصيل الضرائب بالجماعات المحلية بين ضعف التأهيل وغياب الحكامة

ذا عمر العرباوي/ مدير النشر
يُعتبر تحصيل الضرائب أحد أهم الموارد المالية للجماعات المحلية، باعتباره الركيزة الأساسية لتمويل مشاريع التنمية المحلية وتحسين الخدمات العمومية، غير أن واقع هذا المرفق الحيوي بالمغرب، خصوصا داخل الحواضر، يكشف عن اختلالات بنيوية تتجلى في ضعف كفاءة الأطر المكلفة بعمليات التحصيل، مما ينعكس سلباً على مردودية الجماعات وعلى ثقة المواطن في الإدارة.
كفاءة محدودة ومسؤولية جسيمة
في كثير من الجماعات، تُسند مهمة تحصيل الضرائب المحلية إلى موظفين عاديين يفتقرون إلى التأهيل العلمي والتقني المطلوب، فالمسؤول عن التحصيل لا يمتلك في الغالب تكوينا عميقاً في مجالات قانون المالية العامة أو الإدارة الجبائية، وهو ما يؤدي إلى ارتباك واضح في تنزيل النصوص القانونية المنظمة للمجال.
هذا الخلل لا يضر فقط بمصالح الإدارة، بل قد يتسبب في أضرار مباشرة للمواطن، سواء عبر فرض رسوم غير مستحقة، أو تأويل خاطئ للقوانين الجبائية، أو حتى الإهمال في تحصيل مستحقات الجماعة، مما يفتح الباب أمام هدر المال العام.
فالحكامة الجيدة في تدبير مرفق التحصيل لا تتحقق إلا بوجود كفاءات متخصصة قادرة على قراءة الواقع الاقتصادي المحلي وفهم النصوص المالية بشكل دقيق، فالعالم اليوم يعرف تحولات مالية واقتصادية متسارعة، وتطوراً في آليات الرقمنة والتدبير الجبائي، بينما ما تزال بعض الجماعات تشتغل بذهنية تقليدية، تعتمد على الاجتهاد الشخصي والتجربة بدل المعرفة العلمية.
غياب التكوين المستمر يجعل هؤلاء الموظفين خارج دائرة التطور الإداري والمالي، مما يؤدي إلى تراكم الأخطاء، وتراجع المردودية، وفقدان الشفافية في التعامل مع الملزمين بالضرائب.
عندما يصبح تحصيل الضرائب عملية شكلية أو عشوائية، فإن النتيجة تكون حرمان الجماعة من موارد مالية مهمة، وبالتالي عجزها عن تمويل مشاريعها التنموية.
فالتحصيل غير المنظم يعني فقدان الثقة بين المواطن والإدارة، ويخلق انطباعاً بأن العدالة الجبائية غائبة، وأن البعض يؤدي أكثر من غيره بسبب سوء الفهم أو ضعف المتابعة.
نحو تخليق وتحصين مرفق التحصيل
للنهوض بمستوى هذا المرفق، لا بد من إصلاح عميق يضع الكفاءة والشفافية في صلب المنظومة الجبائية المحلية.
ويتطلب ذلك:
-اعتماد معايير دقيقة لتعيين أطر التحصيل على أساس الكفاءة وليس الأقدمية.
-إرساء برامج تكوين مستمر في مجالات المالية العامة والقانون الجبائي والإدارة الحديثة.
-رقمنة المرفق لضمان تتبع العمليات وتفادي الأخطاء البشرية.
-إشاعة ثقافة الشفافية والمساءلة لحماية المال العام وتخليق الحياة الإدارية.
مخرجات هذا المقال ، إن ضعف الكفاءة في مرفق تحصيل الضرائب ليس مجرد إشكال إداري بسيط، بل هو خلل يمسّ جوهر الحكامة المحلية ويهدد ثقة المواطن في المؤسسات.
إن إصلاح هذا المرفق الحيوي ضرورة ملحة لضمان عدالة جبائية حقيقية، وتحقيق التنمية المحلية المنشودة، وتحصين المال العام من كل أشكال الهدر أو سوء التدبير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى