اخبار منوعة

كيف يمكن كأفراد أو مؤسسات تحقيق النجاح المالي دون التماس الريع أو الإضرار بمصلحة الوطن ؟

عمرو العرباوي – مدير النشر
النجاح المالي ومصلحة الوطن ليسا متعارضين، بل يمكن تحقيقهما معًا على أساس تقديم قيمة مضافة حقيقية وليس على استغلال الامتيازات الريعية،  فإذا تم اتباع خطوات عملية تروم نحو تحقيق استراتيجيات اقتصادية واجتماعية تضمن النمو المستدام والمشاركة في التنمية الوطنية، يمكن ذلك من خلال العمل وفق قيم النزاهة،والشفافية والاستثمار المسؤول، والمساهمة في التنمية المجتمعية، واحترام القوانين البيئية والضريبية.
لتفسير هذه المقاربة يمكن بسط الخطوات التالية:

أولا : تبني ريادة أعمال مسؤولة ومستدامة:

-يتحقق ذلك عبر إنشاء مشاريع وشركات تقدم منتجات وخدمات ذات قيمة مضافة بدلًا من الاعتماد على المضاربة أو الأنشطة غير المنتجة.
-الاستثمار في قطاعات استراتيجية مثل الفلاحة، الصناعة، التكنولوجيا، والطاقة المتجددة التي تعزز الاقتصاد المحلي.
-دعم الاقتصاد الدائري عبر تقليل النفايات وإعادة التدوير، مما يحافظ على الموارد ويخلق فرص عمل جديدة.
مثال حي:
شركة “إيكو-هيت” في المغرب تنتج سخانات مياه تعمل بالطاقة الشمسية، مما يقلل من استهلاك الكهرباء ويساعد في التحول نحو طاقة نظيفة ومستدامة.

ثانيا : احترام القوانين الضريبية والمساهمة في الاقتصاد الوطني :

– العمل على تجنب التهرب الضريبي والحرص على دفع الضرائب المستحقة، مما يساهم في تمويل الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم وخلق فرص العمل ووووووو
-تسجيل الأعمال رسميًا بدلًا من العمل في الاقتصاد غير المهيكل ، مما يعزز الشفافية ويتيح فرص تمويل وتوسع أكبر.
-دعم الشفافية المالية عبر استخدام أنظمة محاسبة واضحة والامتثال للقوانين الضريبية .
مثال حي:
في الدول الاسكندنافية، تدفع الشركات ضرائب مرتفعة، لكن في المقابل، تستفيد من بنية تحتية قوية وتعليم وصحة مجانيين، مما يعزز بيئة الأعمال.
ثالثا: الاستثمار في الموارد البشرية وتعزيز التشغيل:
-توفير فرص عمل عادلة بأجور مناسبة بدلًا من استغلال العمالة الرخيصة أو توظيف العمال في ظروف غير إنسانية.
-تدريب الموظفين وتحسين مهاراتهم بدلًا من استغلال اليد العاملة  غير المؤهلة بأجور زهيدة.
-تبني ثقافة مؤسسية تحترم حقوق العمال وتضمن بيئة عمل آمنة وصحية.
رابعا : دعم الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد غير الضروري:
– ينبغي تشجيع تصنيع المنتجات محليًا بدلًا من الاعتماد على استيراد السلع الأجنبية، مما يقلل العجز التجاري ويوفر فرص عمل.
-دعم المستوردين  المحليين واستخدام مواد خام وطنية في الإنتاج.
-الترويج للمنتجات الوطنية والتصدير لتعزيز الميزان التجاري للدولة.
مثال حي:
تركيا عززت صناعة النسيج محليًا بدلًا من استيراد الأقمشة، مما وفر مئات الآلاف من الوظائف ورفع الناتج المحلي الإجمالي.
خامسا: الاجتهاد في حل المشاكل الاجتماعية والبيئية:
-توجيه الاستثمار في مشاريع تحل مشاكل بيئية مثل تلوث المياه، إدارة النفايات، أو استخدام الطاقة النظيفة.
-دعم التكنولوجيا الحديثة لتطوير حلول محلية في الصحة، التعليم، والخدمات المالية.
-تعزيز المعالجة البيئية عبر تقليل الانبعاثات الكربونية واستخدام الموارد بكفاءة.
مثال حي:
شركة “بيو إنيرجي” في الهند تطور أنظمة للطاقة الحيوية باستخدام المخلفات الزراعية، مما يقلل التلوث ويوفر طاقة بأسعار معقولة للمجتمعات الريفية.
سادساً: الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR):
-في اطار التضامن الوطني ينبغي تخصيص جزء من الأرباح لمبادرات اجتماعية مثل دعم المدارس، تحسين البنية التحتية، أو تمويل المشاريع الصغيرة.
-إطلاق برامج تدريب وتأهيل للعمال وباقي القطاعات.
-دعم الفئات في وضعية هشة  عبر تمكين النساء، الشباب، وذوي الاحتياجات الخاصة في سوق العمل.
مثال حي:
شركة “أرامكو السعودية” تستثمر في برامج تدريب وتأهيل الشباب السعودي، مما يخلق فرص عمل ويقلل البطالة.
سابعا: مقاومة الفساد وتعزيز الشفافية في المعاملات الاقتصادية:
-عبر تجنب تقديم أو قبول الرشاوى في الصفقات العمومية  والعقود التجارية.
-اعتماد ممارسات تجارية عادلة قائمة على المنافسة الشريفة.
-الإبلاغ عن أي ممارسات فساد تؤثر سلبًا على بيئة الأعمال والاقتصاد الوطني.
مثال حي:
سنغافورة فرضت قوانين صارمة ضد الفساد، مما جعلها من أكثر الدول جذبًا للاستثمارات الأجنبية بسبب بيئة العمل النظيفة.
ثامنا : الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية:
-التقليص من استهلاك الموارد النادرة مثل المياه والطاقة.
-الاستثمار في بدائل مستدامة مثل الزراعة العضوية والطاقة المتجددة.
– الحد من التلوث الصناعي وحماية التنوع البيئي.
مثال حي:
في ألمانيا، تُمنح الشركات التي تعتمد على الطاقة المتجددة إعفاءات ضريبية، مما شجع آلاف الشركات على التحول إلى طاقة نظيفة.
مخرجات هذا المقال ، يمكن القول أنه من خلال التوفيق بين النجاح المالي وخدمة الوطن ، يمكن للأفراد والمؤسسات تحقيق النجاح المالي دون الإضرار بمصلحة الوطن إذا التزموا بالاستثمار المسؤول، الشفافية، ودعم الاقتصاد الوطني، هذا التوجه لا يحقق فقط أرباحًا مستدامة، بل يعزز منازلة الدول في التنمية ويخلق بيئة اقتصادية قوية يستفيد منها الجميع لننعم بالسلم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى