نخبة من رحم المجتمع: هل حان وقت القطع مع النخب التقليدية؟

برشيد : ذا عمرو العرباوي/ مدير النشر.
يعيش العالم والمغرب جزء منه، مرحلة فارقة في تاريخ تطور مؤسساته السياسية والاجتماعية، فقد طفت على السطح خلال السنوات الأخيرة تساؤلات حارقة حول شرعية النخب السياسية القائمة ومدى تعبيرها عن آمال الناس وتطلعاتهم، وفي قلب هذا النقاش الساخن يبرز سؤال جوهري: أليس الوقت قد حان لتنبثق نخبة سياسية جديدة من رحم المجتمع ذاته، تحمل همومه وتعبر عن أولوياته الحقيقية؟
إن واقع المشهد السياسي المغربي، على غرار كثير من البلدان النامية، لا يزال أسير نخب ودوائر مغلقة تمسك بمفاتيح القرار، غالبًا من خلف مكاتب فاخرة، لكنها بعيدة عن نبض الشارع وتحدياته اليومية، هؤلاء لا يمثلون بالضرورة عمق المجتمع ولا يعيشون معاناته الحقيقية، ما يجعل قراراتهم أحيانًا تفتقر للواقعية والعدالة الاجتماعية.
وفي نفس السياق ، تبدو الحاجة ملحّة اليوم لإعادة الاعتبار لفكرة التمثيلية الشعبية الأصيلة، أي نخبة تنبع من بيئات شعبية ومهنية ومدنية حقيقية، نخبة شبابية، نسائية، مجتمعية، تعكس التنوع الاجتماعي وتتبنى قضاياه بشجاعة وإخلاص، والهدف هنا ليس فقط إحداث تغيير شكلي في أسماء السياسيين، بل بناء قيادة جديدة قائمة على الكفاءة والنزاهة والقرب من المواطن، قادرة على بناء الثقة المفقودة في المؤسسات، وتعيد الاعتبار لمفهوم السياسة النبيل كوسيلة لخدمة الصالح العام، وتخليق الحياة العامة للمجتمع.
إتباعا ، هذا التحول لن يكون سهلًا، فالنخب السياسية التقليدية أكيد ستقاوم حفاظًا على مصالحها، وستعمل على إقصاء كل كفاءات بديلة قد تهدد وجودها، لكن المجتمع المغربي أثبت، عبر حركات المجتمع المدني والمبادرات الشبابية، أنه يملك من الوعي والقدرة ما يكفي ليطالب بنخب جديدة، نخب تنصت، تتحاور، وتنجز، بعيدًا عن لغة الشعارات الجوفاء والوعود الموسمية.
لقد آن الأوان بالفعل لأن تخرج النخبة السياسية من رحم المجتمع لا من الصالونات المغلقة، نخبة تستمد شرعيتها من الناس، وتظل خاضعة لمراقباتهم ولمحاسبتهم، مدركة أن السياسة هي عقد أخلاقي قبل أن تكون صراعًا انتخابيًا، هي لحظة اختبار حقيقي أمام النخب التقليدية: إما الانفتاح والتجديد، أو أن تترك المجال لجيل جديد قادر على العطاء بصدق وواقعية.
إن ولادة نخبة سياسية جديدة من قلب المجتمع ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة تاريخية ومطلب مجتمعي لضمان استقرار الوطن واستدامة تنميته، فالمجتمع المغربي، بكل طاقاته، لن يظل رهينة لنخب عاجزة عن التجدد وبلورة الأفكار والتصورات المستقبلية ، بل سيواصل المطالبة بنخبة تمثله حقًا، وتنقله نحو المستقبل الذي يستحقه.
مخرجات هذا المقال ، إن الطريق إلى نخب سياسية بديلة يمر عبر بناء ثقافة المشاركة، وتمكين الشباب والنساء والفئات المهمشة من الوصول إلى مواقع القرار، وتجديد الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني ليكونوا فعلا مدارس للقيادة، حينها فقط سنقول: خرجت النخبة من رحم المجتمع.
إ