صحة و جمال

“دجالون في ثوب أطباء” وممارسات غير قانونية تهدد صحة المغاربة

ذا عمرو العرباوي / مدير النشر
في أحد الأحياء الشعبية بالدار البيضاء، جلست فاطمة (42 سنة) على كرسي خشبي قديم في دكان صغير لصانع أسنان، لم تكن تعلم أن القلع الذي سيقوم به “الحرفي” سيتحول إلى مأساة، إذ أصيبت بتعفن حاد كاد أن يودي بحياتها، تقول فاطمة: “ذهبت عنده لأنه طلب ثمناً أقل بكثير من عيادة الطبيب، لكنني لم أتوقع أنني سأدخل المستشفى بعد أسبوعين من الألم والالتهاب”.
فاطمة ليست سوى حالة من عشرات، وربما مئات، ضحايا ممارسات غير قانونية أصبحت تنتشر في صمت، صيدلي يقدم وصفات طبية بدل الطبيب، ممرض يتحول إلى مستشار علاجي، صانع أسنان يمارس الجراحة دون أي تكوين أكاديمي ، مشاهد باتت مألوفة، لكنها تحمل مخاطر صحية جسيمة.
الدكتور (م. ر)، طبيب أسنان يوضح في تصريح افتراضي: “المشكل أن المواطن يعتقد أن صانع الأسنان قادر على علاج الآلام، بينما عمله يقتصر فقط على صناعة التركيبات، نحن نتعامل مع حالات تصلنا بعد أن تم العبث بأسنانهم بشكل كارثي”.
من جهته، يعترف صيدلي في مدينة صغيرة “الكثير من المواطنين يضغطون علينا لنوفر لهم أدوية دون وصفة أو نقدم استشارة سريعة، وهذا مخالف للقانون، لكنه يحدث يومياً للأسف”.
المتتبعون يرون أن الأسباب متشابكة: هشاشة الوضع الاقتصادي تدفع الناس إلى البحث عن حلول أرخص، ضعف الوعي الصحي يجعلهم يثقون في أي شخص يقدم نفسه كخبير، إضافة إلى ثغرات في المراقبة من طرف السلطات، ما يجعل بعض “المتطفلين” على المهنة يستمرون بلا خوف من العقاب.
نتائج هذه الممارسات لا تقتصر على آلام عابرة، بل قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة: التهابات، تعفنات، تشوهات دائمة، بل وحتى الوفاة في بعض الحالات النادرة. الأخطر أن هذه الممارسات تسهم في تآكل ثقة المواطن في المنظومة الصحية الرسمية.
أمام هذا الوضع، يطرح العديد من الخبراء جملة من التوصيات:
-تفعيل القوانين بصرامة ومعاقبة كل من يزاول المهنة خارج الإطار القانوني.
-إغلاق المحلات المخالفة، خصوصاً ما يعرف بـ”ورشات الأسنان” غير المرخصة.
-حملات توعية واسعة تحذر المواطنين من خطورة اللجوء إلى غير المختصين.
-تعزيز العرض الصحي العمومي لرفع الضغط عن المواطنين ذوي الدخل المحدود.
-إشراك الهيئات المهنية في مراقبة وضبط التجاوزات.
مخرحات هذا المقال، يظل السؤال المطروح: هل تستمر صحة المواطن المغربي رهينة لممارسات غير قانونية باسم “الطب الشعبي” أو “الخدمة السريعة”، أم أن الوقت قد حان لوقفة حازمة تحمي حياة الناس وتصون هيبة المهنة؟ الجواب، بلا شك، بيد الدولة من جهة، ووعي المواطن من جهة أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى