اخبار منوعة

خلفيات ودوافع لجوء مواطنين مغاربة للهجرة السرية الجماعية بشكل علني إلى إسبانيا وكيفية الحد منها!

عمرو العرباوي / مدير النشر

فالهجرة السرية من المغرب إلى إسبانيا، خاصة عبر البحر، تعد ظاهرة معقدة ناتجة عن مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
فتفسير هذه الظاهرة يقتضي منا النظر إلى مجموعة متنوعة حتى تتوضح الصورة بشكل كامل :

 – الأسباب الاقتصادية:
الفقر والبطالة: يعاني المغرب من مستويات مرتفعة من البطالة، خاصة بين الشباب وخريجي الجامعات، يجد الكثير من المواطنين صعوبة في العثور على فرص عمل مناسبة تؤمن لهم حياة كريمة، مما يدفعهم إلى البحث عن حياة أفضل في أوروبا.
الفوارق الاجتماعية: التفاوت الكبير بين الفئات الاجتماعية في المغرب يساهم في تعزيز الرغبة في الهجرة، حيث يشعر العديد من المغاربة بأن الوضع الاقتصادي لا يمنحهم فرصًا عادلة للنجاح.
الحلم الأوروبي: الرغبة في تحسين الوضع المالي وتوفير مستقبل أفضل للعائلة هي دافع قوي. ينظر الكثيرون إلى إسبانيا ودول أوروبا الأخرى كمكان يوفر فرصًا للعمل وتحقيق مستوى معيشي أفضل.

 – الأسباب الاجتماعية:
ضغط العائلة والمجتمع: يُنظر في المجتمع المغربي إلى الهجرة، سواء كانت شرعية أم غير شرعية، كوسيلة لتحقيق النجاح، هذا الضغط المجتمعي يمكن أن يدفع الشباب لمحاولة الهجرة بأي وسيلة.
الحرمان من الفرص: يشعر العديد من الشباب المغربيين بالإحباط بسبب قلة الفرص، سواء في التعليم أو في العمل، مما يدفعهم للبحث عن آفاق جديدة خارج البلاد.

– الأسباب السياسية:
غياب الحريات السياسية: بالرغم من وجود تحسن في مجال حقوق الإنسان في المغرب، إلا أن بعض الشباب يشعرون بأنهم لا يمتلكون الحرية الكافية للتعبير عن آرائهم أو لتحقيق أحلامهم، فيلجؤون إلى الهجرة.
الهشاشة القانونية: عدم توافر قوانين فعّالة تتيح فرصًا واضحة للشباب لبناء مستقبلهم يجعلهم يشعرون بعدم الاستقرار ويبحثون عن خيارات أخرى.

– التأثير الإعلامي والثقافي:
وسائل الإعلام تقدم وسائل الإعلام صورًا مثالية للحياة في أوروبا، مما يخلق نوعًا من “الحلم الأوروبي” لدى الشباب المغربي، تُظهر الأفلام والمسلسلات وحتى وسائل التواصل الاجتماعي حياة مترفة في إسبانيا وأوروبا عمومًا، مما يجعل العديد من الشباب يعتقدون أن الهجرة ستوفر لهم حياة مماثلة.

تجارب المهاجرين السابقين: العائدون من إسبانيا أو المغتربون يروون تجاربهم الناجحة، مما يعزز فكرة الهجرة لدى الآخرين، دون التطرق عادة إلى المخاطر التي واجهوها.

– الدوافع الفردية:
الطموح الشخصي: يسعى العديد من الشباب إلى تحقيق طموحاتهم في مجالات قد تكون محدودة أو غير مدعومة في المغرب.
الهروب من الأزمات الشخصية: قد يلجأ بعضهم للهجرة للهروب من مشاكل اجتماعية أو أسرية أو أزمات شخصية.

– توافر شبكات تهريب البشر:
شبكات التهريب تستغل رغبة الناس في الهجرة، وتقدم لهم طرقًا للوصول إلى أوروبا بطريقة غير شرعية مقابل مبالغ مالية كبيرة، توفر هذه الشبكات الوسائل والأدوات، مما يسهل الهجرة غير الشرعية عبر البحر.

– نقص البدائل:
غياب سياسات هجرة شرعية: يصطدم الكثير من المغاربة بعراقيل كبيرة في الحصول على تأشيرات سفر شرعية، مما يدفعهم للجوء إلى الطرق غير القانونية.

– المخاطر المتعلقة بالهجرة السرية:
يعتبر البحر الأبيض المتوسط من أخطر طرق الهجرة، حيث يواجه المهاجرون مخاطر الغرق، والاعتقال، والاستغلال من قبل شبكات التهريب، لكن رغم هذه المخاطر، لا تزال الهجرة السرية تُعتبر الخيار الأفضل للكثيرين بسبب قلة الخيارات الأخرى.

فماهي الحلول البديلة للحد من هذه الظاهرة؟

– تحسين الأوضاع الاقتصادية:
خلق فرص عمل: يجب أن تركز الحكومة المغربية على تعزيز الاقتصاد من خلال تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، وتطوير قطاعات مثل الزراعة، الصناعة، والسياحة، لتوفير فرص عمل جديدة للشباب وتقليل نسبة البطالة.
دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة: تقديم برامج تمويل وتسهيلات ضريبية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة يمكن أن يشجع الشباب على البدء بمشاريعهم الخاصة، مما يوفر فرصًا لهم ولغيرهم من الباحثين عن العمل.
تنمية المناطق القروية: غالبًا ما تأتي الهجرة السرية من المناطق النائية التي تعاني من التهميش. لذا، يجب تعزيز التنمية المحلية عبر تطوير البنية التحتية في هذه المناطق وتقديم خدمات تعليمية وصحية وفرص اقتصادية لسكانها.

– إصلاح نظام التعليم والتدريب:
تطوير المناهج الدراسية: يجب تحديث المناهج الدراسية بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل، والتركيز على التعليم المهني والتقني لخلق جيل من الشباب يمتلك المهارات العملية المطلوبة في مختلف القطاعات.
برامج التدريب والتأهيل: إطلاق برامج تدريبية للشباب في مجالات متعددة، مثل تكنولوجيا المعلومات، الصناعة، والزراعة، مما يمكنهم من الاندماج في سوق العمل المغربي.

– تعزيز التوعية بمخاطر الهجرة السرية:
حملات التوعية: يجب على المجتمع المدني والحكومة تنظيم حملات توعية على المستوى الوطني لشرح مخاطر الهجرة السرية عبر البحر، بما في ذلك خطر الغرق، التعرض للاستغلال، وسوء المعاملة.
الإعلام ودوره: توجيه الإعلام المحلي نحو توعية الشباب بحقيقة الوضع في أوروبا، حيث الحياة ليست دائمًا وردية كما يعتقد البعض، يجب نقل قصص المهاجرين الذين عانوا من صعوبات في الخارج لتوعية الآخرين.

– خلق بدائل للهجرة السرية:
إتاحة الهجرة الشرعية: يجب التفاوض مع الدول الأوروبية، خاصة إسبانيا، لخلق فرص هجرة شرعية مثل برامج العمل الموسمية، والتبادل الثقافي، والتكوين المهني. هذه البدائل يمكن أن توفر قنوات قانونية للشباب المغربي للوصول إلى أوروبا بشكل آمن.
تشجيع الهجرة الداخلية: تشجيع الشباب على الانتقال والعمل في مناطق مغربية أخرى تتمتع بفرص اقتصادية، وذلك من خلال توفير مساكن ملائمة وتسهيلات للانتقال.

 – تعزيز سيادة القانون ومكافحة شبكات التهريب:
تطبيق القانون بصرامة: على السلطات المغربية تطبيق القوانين بصرامة ضد شبكات التهريب التي تستغل حاجة الشباب للهجرة، يجب تكثيف الرقابة على الحدود والسواحل لضبط عمليات التهريب.
التعاون مع الدول المجاورة: تعزيز التعاون مع دول الجوار والدول الأوروبية لمكافحة شبكات تهريب البشر وتبادل المعلومات حول الأنشطة الإجرامية المتعلقة بالهجرة السرية.

– تعزيز الحريات والحكامة الجيدة:
تشجيع المشاركة السياسية: تعزيز الحريات السياسية وتمكين الشباب من المشاركة الفعّالة في اتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبلهم من خلال الحركات الشبابية والمنظمات المدنية.
الشفافية ومكافحة الفساد: تحسين مناخ الاستثمار والاقتصاد يتطلب حكامة جيدة وشفافية في إدارة الموارد، القضاء على الفساد سيساهم في إعادة بناء الثقة بين المواطنين والدولة.

– التعاون الدولي:
الاتفاقيات الثنائية: يمكن للمغرب أن يبرم اتفاقيات ثنائية مع إسبانيا ودول الاتحاد الأوروبي لتطوير برامج لتأهيل وتوظيف الشباب المغربي بشكل قانوني.
الاستفادة من الدعم الدولي: يمكن للمغرب الاستفادة من برامج الدعم التي تقدمها المنظمات الدولية لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي التقليل من دوافع الهجرة.

مخرجات هذا المقال ، فالأمر يقتضي الجدية في اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان نجاح عملية الحد من ظاهرة الهجرة السرية، يجب توفير بيئة تعطي الشباب المغربي الفرصة لتحقيق أحلامهم داخل الوطن، يتطلب ذلك جهودًا شاملة من الحكومة، القطاع الخاص، المجتمع المدني، والتعاون مع الدول الأوروبية، بالاستثمار في التنمية الاقتصادية، التعليم، الحريات، وسيادة القانون، يمكن أن تصبح الهجرة خيارًا وليس ضرورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى