اخبار منوعة
المحاكم الإدارية بالمغرب تؤسس لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة القانونية من خلال جبر الضرر والتعويض عنه :

عمرو العرباوي : مدير النشر
توجه المحاكم الإدارية بالمغرب نحو تأسيس مبدأ ربط المحاسبة بالمسؤولية القانونية يعكس تطورًا مهمًا في المنظومة القانونية والقضائية، إذ يهدف هذا التوجه في العديد من القضايا ذات الطابع الإداري اي التي يكون فيها المواطن طرف (مدعي) في مواجهة الادارة (مدعي عليها)إلى تعزيز دور الإدارة العمومية في حماية حقوق المواطنين وضمان سلامتهم، ويتم ذلك من خلال تحميل الجهات الإدارية خصوصا الجماعات المحلية المسؤولية عن الأضرار الناتجة عن الإهمال أو التقصير في أداء واجباتها ، المحكمة الإدارية بفأس كنمودج حيث أصدرت حكما بتغريم المجلس الجماعي للعاصمة العلمية بما يناهز 25 ألف درهم عن الضرر الناتج عن الكلاب الضالة .
وحيث ان المحكمة المذكورة في اطار تثبيت قناعتها من خلال أن جماعة فاس تبقى مسؤوليتها قائمة ، على اعتبار أن اختصاصاتها الموكولة لها في المادة 100 من القانون التنظيمي 113/14 المتعلق بالجماعات تفيد بكون رئيس الجماعة يمارس صلاحيات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور ، وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية وبواسطة تدابير شرطة فردية تتمثل في الإذن أو الأمر أو المنع .
ومن بين اختصاصات رئيس المجلس الجماعي وفق المادة المذكورة أعلاه اتخاذ التدابير الضرورية لتفادي شرود البهائم المؤدية والمضرة ، والقيام بمراقبة الحيوانات الأليفة ، وجمع الكلاب الضالة ومكافحةداء السعار ، وكل مرض آخر يهدد الحيوانات الأليفة طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل .
كما سجلت المحكمة الإدارية بفاس أن المجلس الجماعي أغفل جمع الكلاب الضالة المتواجدة بالمدار الحضري ، مما يجعله مسؤولا طبقا للمادة 79 من قانون الالتزامات والعقود .
وفي حكم مماثل صدر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء سنة 2023 غرم المجلس الجماعي بتعويض قدره 50000 درهم إثر تعرض سيدة لهجوم من كلاب ضالة.
تبعا لهذه المعطيات السالفة الذكر يمكن تفسير هذا التوجه وفق ظوابط وقواعد متعددة :
أولا :الإطار القانوني والتشريعي
-يرتكز هذا المبدأ على الفصل 1 من دستور 2011 الذي ينص على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة ، وتستند المحاكم الإدارية إلى القوانين المنظمة للمسؤولية الإدارية، لقانون 41.90 المنضم للمحاكم الإدارية، وقانون الالتزامات والعقود، خاصة فيما يتعلق بالضرر والتعويض ، بحيث يُعتبر مبدأ “جبر الضرر” من المبادئ الأساسية التي تكرّسها الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية لحماية حقوق الإنسان.
ثانيا :مظاهر التوجه الجديد:
فتعويض المتضررين من الأخطاء الإدارية يتم عبر تقرير المحاكم الإدارية تعويضات مالية عن الأضرار الناتجة عن تقصير الإدارة في توفير الخدمات الأساسية، مثل:
-التعرض لاعتداءات من الكلاب الضالة.
-الأضرار الناجمة عن الحفر أو الطرق المهترئة.
-الإصابات بسبب غياب الإنارة في الأماكن العامة.
-الأمراض الناتجة عن ضعف خدمات حفظ الصحة.
أما تحميل الإدارة مسؤولية الإهمال ، فيتم عن طريق إلزام المحاكم الإدارية السلطات المحلية أو الجهات المسؤولة (الجماعات الترابية أو الشركات المفوضة) باتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لتجنب وقوع الضرر عبر أي تقصير في أداء المهام الموكلة للإدارة يؤدي إلى إدانتها وتحميلها المسؤولية.
ثالثا :الأهداف من التوجه الجدي:
– يهدف هذا التوجه إلى ضمان حق المواطنين في العيش في بيئة آمنة وصحية،و يوفر القضاء الإداري أداة فعالة للمتضررين للمطالبة بحقوقهم ، ومن جهة أخرى يُشجع هذا التوجه الجهات الإدارية على تحسين جودة الخدمات العامة، ويضع حدًا للإهمال والفساد الإداري ، كما يضمن هذا التوجه خضوع الإدارة للقانون، مما يرسخ الثقة بين المواطنين والمؤسسات.
رابعا: التحديات المحتملة:
-ضعف التنفيذ: قد تواجه الأحكام القضائية صعوبات في التنفيذ بسبب نقص الموارد أو غياب الإرادة السياسية.
-الوعي القانوني: ضعف معرفة المواطنين بحقوقهم قد يحد من استفادتهم من هذه الآلية المتاحة .
-عبء القضايا: قد يؤدي تزايد لجوء المواطنين إلى المحاكم الإدارية ضغط كبير .
خامسا :لتعزيز هذا التوجه:
-تعزيز قدرات المحاكم الإدارية من خلال توفير الإمكانيات البشرية والمادية.
-إطلاق حملات توعية لتحسيس المواطنين بحقوقهم وسبل اللجوء إلى القضاء الإداري.
-تشديد الرقابة على عمل الإدارات وضمان تنفيذ الأحكام القضائية بشكل فعّال.
مخرحات هذ المقال ، يمكن التأكيد على ان هذا التوجه يعتبر خطوة نوعية نحو تحقيق العدالة الإدارية في المغرب، فهو يُعزز من دور القضاء في حماية حقوق الأفراد وضمان محاسبة الجماعات المحلية عن أي تقصير أو عدم الحيطة أوالحذر في تدبير الشأن العام بشكل أفضل ومباشر ، إذا تم دعمه بتنفيذ فعال وآليات رقابة صارمة، فإنه سيساهم بشكل كبير في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين.