اخبار جهوية

العمل الجمعوي ببرشيد بين التبعية والغياب الإرادي

برشيد – ذا عمرو العرباوي/ مدير النشر

في الوقت الذي يُفترض فيه أن يشكل العمل الجمعوي رافعة أساسية للتنمية المحلية المستدامة ، وفضاءً حقيقياً للتأطير والتوعية والمشاركة المواطنة، يعيش هذا القطاع في مدينة برشيد وضعاً مقلقاً، يطبعه الجمود، الغياب عن قضايا المجتمع، أو الحضور المُوجَّه والمحدود، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى استقلالية النسيج الجمعوي، وأهليته للقيام بأدواره الدستورية والمدنية.

تبعية مقلقة وغياب القرار الحر : الواقع الجمعوي ببرشيد لم يعد يُدار بمنطق المبادرة الحرة، بقدر ما أصبح، في عدد من حالاته، خاضعاً لتأثيرات مباشرة من بعض الوسطاء السياسيين أو النقابيين، حيث تتحول بعض الجمعيات إلى أدوات في يد هؤلاء، لا تتحرك إلا وفق أجندات معدّة سلفاً، في ظل هذا الوضع، يفقد الفاعل الجمعوي استقلالية قراره، وتتحول الجمعية من كيان مدني حر إلى ملحقة تنظيمية تنفّذ ولا تقرر.

عمل موسمي لا يخاطب قضايا الناس: المتتبع للشأن الجمعوي بالمدينة يلحظ حضوراً باهتاً للجمعيات في ما يخص الملفات الاجتماعية الحارقة التي تؤرق الساكنة، من تدهور البنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية، إلى مشاكل الشباب والبطالة، مرورا بالهوامش التي لا تصلها أنشطة أي جمعية، وإن وُجدت بعض المبادرات، فهي غالباً مناسباتية، موسمية، أو صدى لحملات ظرفية لا تحمل في طياتها بُعداً استراتيجياً أو ترافعاً حقيقياً.

المواطن يفقد الثقة: في ظل هذا الغياب أو الانغلاق، تفقد الجمعيات تدريجياً ثقة المواطنين، الذين لم يعودوا يرون فيها أدوات للتغيير أو فضاءات للإشراك، بل كيانات مغلقة على نفسها، أو موجهة من جهات سياسية تُفرغها من مضمونها النبيل، والنتيجة المزيد من العزوف عن الانخراط، وتنامي أشكال عشوائية من التعبير، قد تفتقر إلى التأطير والنجاعة.

الحاجة إلى تصحيح المسار: لعل أولى خطوات التصحيح تبدأ من استعادة الاستقلالية، وتجديد النخب الجمعوية بروح شابة تؤمن بالفعل المدني النزيه، وتتحرر من الولاءات الفوقية، ثم يأتي بعدها الانفتاح الحقيقي على قضايا المدينة وسكانها، والتأسيس لعمل جمعوي مواطن، تشاركي، ومستدام، يُؤمن بالاختلاف، ويخاطب جوهر الإشكالات، لا قشورها.

مخرجات هذا المقال ، لا يخفى عليكم أن العمل الجمعوي ليس مجرد ملء فراغ أو البحث عن دعم، بل مسؤولية تاريخية في بناء وعي جماعي ومجتمع مدني قوي. وبرشيد، بما تختزنه من طاقات وكفاءات، تستحق نسيجاً جمعوياً حقيقياً يعكس آمال ساكنتها ويعبّر عن صوتها المستقل. المطلوب اليوم ليس فقط جمعيات أكثر، بل جمعيات أقوى، حرة، ومؤثرة ، وفاعلة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى