اخبار وطنية
محكمة النقض تضيّق دائرة «التشهير الإلكتروني»: الرسائل الخاصة عبر «واتساب» ليست تشهيرًا بمقتضى الفصل 447-2 —

ذا عمرو العرباوي / مدير النشر
أصدرت محكمة النقض قرارًا أثار نقاشًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والقضائية والإعلامية، تقضي فيه بأن الرسائل الشخصية المرسلة بطريقة فردية ومباشرة بين أطراف عبر تطبيق «واتساب» لا تُدخل بالضرورة في خانة جريمة التشهير المنصوص عليها في الفصل 447-2 من القانون الجنائي، حتى لو احتوت هذه الرسائل على عبارات قدحية أو اتهامات ذات طابع مسيء.
ملخّص القرار وظروفه
وفق ما نقلته بعض المواقع المغربية، حيث ان القرار صدر بتاريخ 4 دجنبر 2024، حيث وقائع الملف الذي نظرته محكمة النقض كانت هناك إدانة ابتدائية واستئنافية ضد شخص أدين بتهمة التشهير استنادًا إلى رسالة واتساب، قبل أن تقبل محكمة النقض الطعن وتعتبر أن فعل التشهير غير ثابت في هذه الحالة نظرًا لغياب عنصر العلانية الذي يشترطه النص الجنائي لتجريم التشهير و
تستند محكمة النقض في قراءة النص (الفصل 447-2 من القانون الجنائي) إلى عنصرين أساسيين لتكملة عناصر جريمة التشهير عبر الأنظمة المعلوماتية:
1.وجود تصريحات أو ادعاءات تتعلق بالغير .
2.العلانية أو التوزيع عبر وسائط معلوماتية أي أن يكون الفعل قد تم نشره أو تعميمه أو توزيعه على العموم أو على جمهور أوسع، وليس محصورًا في تواصل خاص ثنائي.
لماذا أثار القرار جدلًا؟
القرار يلامس تقاطعات حساسة بين:
-حرية التعبير والتواصل الخاص من جهة،
-حماية السمعة والخصوصية من جهة أخرى.
نقّاد القرار يرون أنه قد يترك فراغًا وقصورًا أمام من يرتكب إهانات أو اتهامات في مراسلات خاصة .
من جهة ثانية، يراه مؤيّدو القرار ضبطًا لمفهوم التجريم الذي لا يجوز توسيعه إلى كل خلاف لفظي خاص لمجرد استعمال وسيلة رقمية.
آثار القرار العملية والقانونية
1.حدود تطبيق الفصل 447-2: القرار يؤكد أن النص يعاقب توزيعًا أو نشرًا يُمهّد لوقوع تشهير؛ أما التوجيه الخاص فلا يندرج فيه ما لم يُقترن بعنصر العلانية.
2.خطر النقل/الانتشار اللاحق: إذا أُعيد توجيه رسالة خاصة أو نُشرت عبر منصات أخرى أو جرى تسريبها، فقد يطرأ تغيير في الوضع القانوني وتتحقق العلانية وبالتالي أمكن إعادة التأهيل الجنائي. (أي أن خصوصية الإرسال الأصلي قد تُفقد ويصبح الفعل مجرماً).
3.سبيل التعويض المدني: حتى إن لم تُعدّ الرسالة تشهيرًا جنائيًا في صورته الخاصة، يظل الباب مفتوحًا أمام دعاوى مدنية لحماية الشرف والسمعة، أو مطالبات بأدلة حول المساس بالحياة الخاصة، حسب الوقائع والإضرار الفعلي.
4.قراءة قضائية محكمة مُلزِمة: قرار محكمة النقض، بوصفها أعلى جهة قضاء للفصل ، له أثر تفسيري يقيّد قرارات محاكم الموضوع، لكنه لا يمنع تشددًا لاحقًا إذا تغيّر الفعل (نشر أو توزيع).
مخرحات هذا المقال ، أن قرار محكمة النقض وضع أصلًا رقميًا مهمًا في تكييف جرائم التشهير رقمياً: الخصوصية في المراسلة لا تكفي وحدها لإثبات التشهير ما لم يصحبها فعلٌ علني أو توزيع فعلي، لكنه لا يُعني — ولا ينبغي أن يُفهم — تعطيل حماية السمعة أو الفراغ القانوني: فانتشار الرسالة أو إعادة تو جيهها أو تسريبها قد يغيّر المعطى ويعرّض الفاعل للمساءلة الجنائية أو المدنية، فالقرار إذًا يؤجج نقاشًا ضروريًا حول ملاءمة القوانين التقليدية لعصر المراسلات الفورية وانتشار اللقطات والشاشات .