اخبار منوعة

التاءات الخمسة فلسفة للتوازن في زمن الاضطراب

ذا عمرو العرباوي / مدير النشر
التاءات : جمع تاء ، والمقصود بها في اللغة الكلمات التي تبدأ بحرف التاء .
في زمنٍ طغت فيه الضغوط، وتداخلت فيه الهموم اليومية مع تسارع الأحداث، يبحث الإنسان المغربي، مثل غيره، عن مساحة للتوازن والسكينة في عالمٍ أصبح صاخبًا أكثر من اللازم.
وسط هذا الزخم، برزت فكرةٌ بسيطة في ظاهرها، عميقة في جوهرها، تُختصر في خمس كلمات تبدأ بحرف واحد:
التاءات الخمسة : تتجاهل، تتأقلم، تتعاطف، تتواضع، وتتباعد.

ليست هذه الكلمات مجرد عبارات تحفيزية تُنشر على مواقع التواصل، بل أصبحت عند الكثيرين أسلوب حياةٍ جديد، يعكس نضجًا فكريًا ووعيًا اجتماعيًا متزايدًا لدى فئة من المغاربة الذين قرروا أن يعيشوا بوعي، لا بردود أفعال.

أولًا: تتجاهل لأن راحة البال أغلى من الجدال،

في مجتمعٍ تتسع فيه دائرة الجدل اليومي، سواء في الشارع أو على منصات التواصل، أصبح التجاهل نوعًا من الحكمة.
فالتجاهل لا يعني اللامبالاة، بل هو ذكاء عاطفي يختار المعارك التي تستحق الرد، ويتجاوز التفاهات التي تستهلك الأعصاب.
الكثير من المغاربة باتوا يدركون أن تجاهل الاستفزاز، والابتعاد عن اللغو، هو طريق للحفاظ على السلام الداخلي.

ثانيًا: التأقلم سر البقاء وسط التغيرات،

من البطالة إلى الغلاء، ومن التحولات الاجتماعية إلى صدمة الحداثة الرقمية، يعيش المواطن المغربي واقعًا متقلبًا،
لكن القدرة على التأقلم سواء في العمل أو العلاقات أو نمط العيش أصبحت ضرورة لا رفاهية.
الذين يتأقلمون لا يستسلمون، بل يتعاملون بمرونة مع الواقع دون أن يفقدوا قيمهم، وهي مهارة باتت تميز الجيل الجديد، خصوصًا بين الشباب الذين يواجهون تحديات معيشية قاسية.

ثالثًا: التعاطف عودة إلى إنسانيتنا،

في خضم اللهاث وراء الماديات، نسي البعض أن الإنسان لا يعيش وحده.
فالتعاطف مع الفقير، أو المريض، أو المتألم ليس ضعفًا، بل هو قوة روحية تعيد التوازن للمجتمع.
فحين يتعاطف المغربي مع غيره، كما يفعل في حملات التضامن أو المساعدات العفوية في الأحياء الشعبية، يثبت أن روح “التآزر” ما تزال حيّة رغم كل التغيرات.

رابعًا: التواضع رفعة في زمن الغرور،

التواضع قيمة مغربية أصيلة، كانت تميز الأجيال السابقة، غير أن مظاهر الغرور والسطحية التي فرضتها مواقع التواصل جعلت البعض ينسى أن الرفعة لا تكون بالمال أو المنصب، بل بالأخلاق.
فالمتواضع لا يقل شأنًا عن غيره، بل يعلو بقيمه وسلوكه، لأن من تواضع لله رفعه، ومن تكبّر أسقط نفسه.

خامسًا: التباعد حفاظ على الذات لا جفاء،

في زمن العلاقات المرهقة، والصداقات المصلحية، أصبح التباعد خيارًا صحيًا،
فليس كل قربٍ محبة، ولا كل بعدٍ قطيعة.
فالتباعد هنا هو فنّ اختيار من يستحق طاقتك ووقتك، ومن الأفضل أن تتركه وشأنه.
الكثير من المغاربة باتوا يمارسون هذا النوع من “العزلة الهادئة”، حفاظًا على راحتهم النفسية وسط ضجيج لا ينتهي.

مخرجات هذا المقال ، فالتاءات الخمسة ليست شعارًا، بل منهجًا للتوازن في حياة المغربي المعاصر، بين ضغوط الواقع ونداءات الضمير، إنها دعوة صامتة لإعادة ترتيب أولوياتنا، والعودة إلى البساطة التي فقدناها، دون أن نتخلى عن الوعي الذي اكتسبناه، فمن يتقن هذه التاءات الخمسة، يعيش بسلامٍ مع نفسه، ومع الناس، ومع وطنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى