اخبار جهويةاخبار منوعة

مدينة برشيد تحت المجهر : السوق الاسبوعي

عمرو العرباوي – مدير النشر

بحكم تواجد السوق الاسبوعي القديم الاثنين بالقرب من الاحياء السكنية والمنطقة الصناعية ، لقد شكل عائقا كبيرا من حيث النقل والتنقل وحركة المرور لسنوات طويلة، لكن قرار المجلس البلدي نقله إلى مقره الجديد استقبلته الساكنة البرشيدية بفرح شديد، لكن الفرحة لم تدم طويلا ، إذ يتفاجأ الجميع بقيام الباعة الجائلين بإحداث أسواق أخرى عنوة وسط المدينة وبحي الزهراء والحي الحسني ودرب الطاهري على مرأى ومسمع المجلس المسير والسلطات المحلية ، بحيث اصبحت تختنق بسببه كل الاتجاهات المرورية ، اظافة إلى ارتفاع أصوات مكبرات الأصوات ، تجمع العربات المجرورة بواسطة الحمير ، زد عليه ترك ركام مخلفات هذه الحيوانات ومخلفات الخضر و الأكياس البلاستيكية وما تخلفه هذه النفايات من أضرار جسيمة على البيئة و صحة المواطنين بشكل مباشر ومستمر.

فما يتم وصفه هو مثال واضح على سوء التخطيط الحضري وغياب رؤية استراتيجية بشكل ممنهج لتنظيم الفضاءات العمومية بمدينة برشيد خاصة السوق الأسبوعي وباقي الأسواق المحدثة ، وما تلعبه من  أدوار حيويًة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمدينة والمناطق المحيطة بها.
فتفسير هذا الوضع المأساوي الذي تتخبط فيه المدينة يقتضي منا تحليله من عدة زوايا:
أولا: سوء التخطيط وضعف التنسيق بين الجهات المعنية
– لقد تم نقل السوق القديم بسبب مشاكله، لكن المفارقة أن السوق الجديد خلق مشاكل أكبر، مما يدل على أن القرار لم يكن مدروسًا بشكل كافٍ، كما أنه لم يتم أخذ البعد المروري بعين الاعتبار، حيث أدى السوق الجديد إلى اختناق في حركة المرور، ما أثر سلبًا على السكان والمارة وبعض المرافق العامة كقطاع البريد .
-وتبعا وفي نفس السياق فغياب استراتيجية متكاملة لتنظيم السوق الأسبوعي  جعل الحلول المؤقتة غير فعالة، بل وقد أدت إلى تفاقم المشكل .
ثانيا : الأثر البيئي والصحي 
– فانتشار الأوساخ، مخلفات الخضر، الأكياس البلاستيكية وروث الدواب يشكل كارثة بيئية وصحية، حيث تساهم في انتشار الروائح الكريهة، جذب الحشرات، وإمكانية انتشار الأمراض، إطافة إلى التلوث السمعي بسبب مكبرات الصوت يزيد من معاناة الساكنة  ويؤثر على جودة حياتهم.
ثالثا : غياب الرقابة والصرامة في تطبيق القانون
-بالبرغم من وضوح المشكل ، فإن السلطات المحلية والمجلس الجماعي لا يتدخلان بحزم وصرامة وبشكل نهائي لتنظيم السوق، إما بسبب غياب الإرادة السياسية للمجلس المسير أو خوفًا من ردود فعل الباعة والمتضررين من أي قرار جديد، أظف على ذلك غياب دوريات مستمرة لمراقبة النظافة وحركة المرور يزيد الوضع تعقيدًا.
فهناك بعض الحلول المقترحة للحد من انتشار كثرة الإسواق العشوائية :
أولًا: إعادة تنظيم السوق الجديد وفق معايير واضحة
1.بحكم موقعه المناسب بعيدًا عن الأحياء السكنية والشوارع الرئيسية لتفادي عرقلة المرور، على اساس جعله سوقا قارا ومفتوحا طيلة الأسبوع وبصفة مستمرة.
2.تهيئة فضاء مجهز بالبنية التحتية المناسبة (مواقف للسيارات، أماكن مخصصة للعربات المجرورة، مناطق للتخلص من النفايات).
3.تقسيم السوق إلى مناطق (مثلاً: منطقة للخضر، منطقة للماشية، منطقة للملابس… إلخ) لتجنب الفوضى العارمة.
ثانيًا: تحسين شروط النظافة والتخلص من النفايات
1.وضع نقاط تجميع النفايات داخل السوق وتخصيص عمال نظافة دائمين لمتابعة الوضع.
2.تفعيل الغرامات على من يترك مخلفاته في الشوارع أو يسبب تلوثًا بيئيًا.
3.منع استعمال الأكياس البلاستيكية داخل السوق وتشجيع البدائل البيئية.
ثالثًا: ضبط حركة المرور وتنظيم دخول وخروج الباعة
1.تخصيص أوقات محددة لدخول العربات المجرورة ومنعها في أوقات الذروة.
2.تحديد مداخل ومخارج واضحة لتفادي الازدحام والفوضى.
3.استعمال كاميرات مراقبة لضبط المخالفين وتطبيق العقوبات.
رابعًا: توعية التجار والباعة الجائلين
1.تنظيم حملات تحسيسية حول أهمية النظافة وتأثير الفوضى على المدينة.
2.إشراك المجتمع المدني في مراقبة الوضع والتبليغ عن التجاوزات.
خامسًا: فرض احترام المعايير القانونية
1.إعادة النظر في تصاريح الأسواق العشوائية وإغلاق أي سوق غير منظم.
2.تشكيل لجنة رقابة مختلطة من المجلس البلدي، الأمن، والبيئة لمتابعة السوق بصفة مستمرة.
سادسا : بالرجوع إلى المداخيل السنوية المستحقة من كراء السوق الأسبوعي، فالقيمة الكرائية حسب معلومة مستقاة من بعض مسؤولي جماعة برشيد فلا تتجاوز 600.000,00 درهم هذه القيمة لا تساوي ما يتم إنفاقه على تسيير هذه المرفق، مما يتعين معه على المجلس المسير التوجه نحو اتخاذ قرار إلغاء السوق الأسبوعي الاثنين والتخلص من تبعاته الكارثية على جميع المستويات : الاختناقات المرورية (الحافلات ، سيارة الأجرة ، الدراجات النارية تريبورتور ، العربات المجرورة وغيرها)، تراكم أطنان النفايات المكونة من بقايا الخضر والأكياس البلاستيكية المنتشرة في كل مكان زد عليها  ركام الحيوانات، اظافة إلى كثرة السرقات التي يتعرض المواطنون بسبب الازدحام ، إلى غيره من الحالات النشرة التي تشوب خلال فترته، زد عليها الانفلاتات الامنية المصاحبة ، مما يعزز التفكير في هذه الاقتراح بشكل ايجابي و ووضع حد لهذه المشكلة.
مخرحات هذا المقال ، فالمشكل الرئيسي  في وجود السوق نفسه وباقي الأسواق المحدثة عشوائيا، وفي غياب التخطيط والتدبير الجيد، مما يجعل أي “حل مؤقت” ينتج مشاكل أكبر، فالحل يكمن في إعادة الهيكلة والتنظيم الصارم عبر اتخاذ قرار شجاع من قبل  المجلس المسير وهو  إلغاء السوق الأسبوعي الاثنين ، بحيث تروم هذه المبادرة في مصلحة المدينة برفع الحيف عن الاختناقات  التي تواجهها  المدينة كل يوم اثنين مع ما تخلفه من مشاكل كبيرة على مستوى كل مناحي الحياة الامنية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية والصورة السلبية لمستقبل المنطقة ، مع فرض الرقابة وتحسين البنية التحتية، وإشراك جميع الفاعلين المحليين في إيجاد حلول مستدامة.

فيديو معبر : 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى