اخبار وطنية
وزارة الداخلية تحقق في التأخير المتعمد لمشاريع تنموية من قبل مسؤولين سياسيين بغرض توظيفها في الموسم الانتخابي المقبل :

عمرو العرباوي : مدير النشر
فعملية التأخير المتعمد في إنجاز المشاريع التنموية من قبل مسؤولين سياسيين بهدف استغلالها كورقة انتخابية في الموسم الانتخابي المقبل هو مظهر من مظاهر الانتهازية السياسية التي تعكس ضعف النزاهة السياسية والافتقار إلى المسؤولية تجاه الصالح العام.
يمكن تفسير هذا التوجه الجديد القديم من عدة زوايا، تشمل الأبعاد السياسية، الاقتصادية، القانونية، والاجتماعية:
اولا : البعد السياسي
استغلال المشاريع كورقة ضغط انتخابية بحيث يسعى بعض السياسيين إلى تأجيل إنجاز المشاريع التنموية بحيث يتم تدشينها أو تسريع وتيرتها قبيل الانتخابات، مما يمنحهم فرصة الترويج لها وكسب ثقة الناخبين، وهذا الأسلوب يعتمد على التلاعب بالإدراك العام، حيث يتم تقديم المشاريع وكأنها إنجازات شخصية للمسؤولين بدلاً من كونها التزامًا حكوميًا تجاه المواطنين، غالبًا ما يتم تعطيل مشاريع سابقة لمجالس محلية ، بهدف عدم منح خصومهم السياسيين أي نقاط قوة، مما يعطل التنمية المحلية ويؤدي إلى خسائر اقتصادية واجتماعية.
ثانيا : البعد الاقتصادي
تعطيل التنمية لتحقيق مكاسب شخصية هذا التأخير المتعمد للمشاريع يؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي، حيث يمكن أن يتسبب في تأخير فرص العمل، وتجميد الاستثمارات، وتعطيل البنية التحتية، بعض السياسيين يستغلون هذا التأخير لفرض شروط غير قانونية على المقاولات والشركات المنفذة، مثل فرض رشاوى أو صفقات مشبوهة لضمان تمرير المشاريع في وقت محدد، كما ان هناك أيضًا جانب مرتبط بنهب المال العام، حيث قد يؤدي التأخير إلى تضخم تكاليف المشاريع بسبب إعادة التفاوض على الميزانيات أو التكاليف الإضافية التي تُفرض نتيجة التأجيل المتعمد.
ثالثا : البعد القانوني
الإخلال بمبدأ الحكامة الجيدة، فهذا السلوك يشكل إساءة استعمال السلطة وقد يندرج ضمن جرائم الفساد الإداري والسياسي، إذ يتعارض مع مبادئ الشفافية، المسؤولية، والمحاسبة التي يفرضها القانون، مما يجعل الجهات الرقابية، مثل المجلس الأعلى للحسابات ووزارة الداخلية، أن تتدخل لمراجعة أسباب التأخير ومعاقبة المسؤولين عن ذلك، لكن فعالية هذه الآليات تتوقف على مدى استقلالية القضاء ونزاهة التحقيقات، فغالبًا ما يتم التحايل على القوانين عبر خلق مبررات تقنية أو إدارية لتبرير التأخير، مثل الادعاء بوجود مشاكل في التمويل، الدراسات التقنية، أو الحاجة إلى إعادة التفاوض مع المقاولين.
رابعا : البعد الاجتماعي
تأثيرات سلبية على ثقة المواطنين، يؤدي هذا النوع من السلوك إلى زيادة فقدان الثقة في المؤسسات السياسية، حيث يدرك المواطنون أن المشاريع لا تُنجز لخدمتهم بقدر ما تُستخدم كأدوات دعائية في المواسم الانتخابية،ويتسبب التأخير في الإضرار بالفئات الهشة التي تعتمد على هذه المشاريع، خاصة إذا كانت تتعلق بالبنية التحتية، الصحة، التعليم، أو التشغيل، فبعض المواطنين قد يفقدون الأمل في التغيير، مما يؤدي إلى ارتفاع العزوف عن المشاركة السياسية أو حتى ظهور احتجاجات شعبية ضد هذا النوع من الممارسات.
مخرجات هذا المقال ، يبقى السؤال كيف يمكن مواجهة هذه السلوك اللأخلاقي ؟
لمواجهة هذه السلوك لا بد من:
أولا :تشديد كحجج الرقابة والمحاسبة: على وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات كجهة رقابية وتحقيق أن تدخل على الخط للتقصي والتثبت من أسباب التأخير ومعاقبة المتورطين.
ثانيا : تعزيز الشفافية من خلال إجبار المسؤولين على تقديم جداول زمنية واضحة للمشاريع ونشر تقارير دورية عن تقدمها.
ثالثا : إشراك المجتمع المدني والإعلام للضغط على السلطات المحلية وضمان عدم التلاعب بالمشاريع التنموية.
رابعا: سن قوانين تمنع استغلال المشاريع انتخابيًا عبر فرض عقوبات على المسؤولين الذين يتلاعبون بالمواعيد لتحقيق مكاسب سياسية.
خلاصة القول أن هذا السلوك السياسي للأسف يعكس أزمة أخلاقية في الممارسة السياسية ببلادنا ويتطلب إرادة سياسية حقيقية لمواجهتها والقطع معها وإلا ستبقى التنمية مرهونة بالمصالح الانتخابية الضيقة والسطحية بكل تأكيد.