اخبار منوعة

عندما تصبح أفكارك أثمن من الصمت: صوت العقل في زمن الضجيج

برشيد : ذا عمروا العرباوي/ مدير النشر

في عالم تعج فيه الضوضاء الفكرية، وتُستهلك فيه الكلمات بلا وزن أو مضمون، تصبح لحظة الصمت موقفًا نبيلًا، واختيارًا عقلانيًا للهروب من التكرار والسطحية، لكن ماذا لو بلغت أفكارك من النضج والوعي ما يجعلها تستحق أن تُقال، أن تُسمع، بل وتُصغى إليها؟ هنا يتحول الصمت من فضيلة إلى خيانة للحقيقة، ومن حكمة إلى استسلام أمام الجهل العام.

ليست كل فكرة تستحق أن تُقال، لكن عندما تحمل فكرتك بعدًا إنسانيًا أو وعيًا نقديًا أو مشروعًا للتغيير، يصبح إخراجها إلى العلن مسؤولية لا تقبل التأجيل، إن الأفكار التي تحمل في طياتها حلولًا، أو تصحح مفاهيم خاطئة، أو تكشف زيفًا اجتماعيًا أو سياسيًا، تصبح بمثابة ضوء في نفق معتم، فالصمت هنا ليس احترامًا للمكان، بل تجاهلٌ للواجب.

كثيرون يصمتون لأنهم يخشون الإقصاء، أو لأن أصواتهم تم تحييدها تحت طائلة الرقابة أو التهديد أو التهميش، في هذه البيئات القامعة، يصبح التعبير عن الفكر موقفًا شجاعًا لا يقل عن فعل المقاومة، فالفكرة الواعية لا تخيف سوى من يخاف الوعي، ولا تهدد إلا من استثمر في الجهل والتبعية.

متى يصبح الصمت تواطؤًا؟ ، عندما تسكت عن فكرة تعرف أنها قادرة على تغيير مسار نقاش، أو توعية جمهور، أو فضح فساد، أو مواجهة ظلم، فأنت لا تمارس الصمت كحكمة، بل كعذر لعدم الفعل، وهنا يصبح الصمت موقفًا سلبيًا يقف إلى جانب الساكتين عن الحق، وهو تواطؤ ناعم لا يقل خطورة عن الجريمة نفسها.

الوعي مسؤولية لا تُؤجل ، حين تنضج الأفكار داخل العقول الحرة، لا بد أن تنتقل إلى الفضاء العام، لأن المجتمعات لا تنهض بالأماني بل بالتفكير النقدي والطرح الجريء. والكاتب، والمثقف، وكل مواطن واعٍ، لا يملك ترف الصمت في زمن الارتباك والانحدار، بل عليه أن يتكلم، أن يُفكّر بصوت عالٍ، أن يربّي الأمل بالفكرة، وأن يواجه السائد بمنطقٍ جديد.

مخرحات هذا المقال ، حين تصبح أفكارك أثمن من الصمت، لا تصمت، تكلم، حتى لو بدا صوتك غريبًا أو معارضًا، لا تُدِر ظهرك لفكرتك حين تناديك لتدافع عنها، لأن الكلمة في زمن التزوير فعل تحرر، والفكر الناضج رسالة، وأنت رسولها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى