اخبار منوعة
تكليف ملكي يحمل دلالات قوية: لماذا عبد الوافي لفتيت وليس عزيز أخنوش لإدارة المشاورات الانتخابية لسنة 2026؟

برشيد : ذا عمرو العرباوي/ مدير النشر
في خطوة سياسية لافتة ذات دلالات استراتيجية عميقة، كلّف جلالة الملك محمد السادس وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، بإجراء المشاورات اللازمة مع قادة الأحزاب السياسية المغربية، بغرض إعداد القوانين الانتخابية الخاصة بالاستحقاقات التشريعية لسنة 2026، وقد أثار هذا التكليف تساؤلات عديدة حول مغزى هذا القرار الملكي، ولماذا اختير لفتيت لهذا الدور بدلاً من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي يُفترض أن يكون المخاطب الأول في مثل هذه الملفات ذات البعد السياسي والمؤسساتي.
أولاً: الخلفية الدستورية والسياسية : بحسب مقتضيات الدستور المغربي، فإن رئيس الحكومة يتمتع بصلاحيات واسعة تتعلق بتدبير السياسات العمومية، والتنسيق بين القطاعات الحكومية، وقيادة المشاورات السياسية الكبرى، إلا أن التدبير الملكي لهذا الملف الانتخابي يندرج في إطار ممارسة جلالة الملك لاختصاصاته السيادية، بصفته الساهر على حسن سير المؤسسات، وضامن التوازنات الدستورية الكبرى.
وبالتالي، فإن إسناد هذا الدور لوزير الداخلية يدخل ضمن التقدير الملكي الذي يراعي اعتبارات تتجاوز الشكل الدستوري الظاهر، لتمس عمق الأداء المؤسساتي ومستوى الثقة والنجاعة.
ثانياً: دلالات اختيار عبد الوافي لفتيت :
1-الحياد والفعالية الإدارية:
لفتيت يُعتبر رجل دولة بامتياز، عُرف طيلة مساره بالصرامة، والكفاءة التقنية، والقدرة على إدارة الملفات الحساسة بحياد إداري بعيد عن التجاذبات السياسية، تكليفه بهذه المهمة يعني الحرص الملكي على أن تتم المشاورات الانتخابية خارج منطق “التنافس الحزبي”، الذي قد يطغى على شخصية رئيس الحكومة، باعتباره فاعلاً سياسياً ورئيس حزب.
2-رسالة ضمنية للأحزاب:
الرسالة السياسية واضحة: الانتخابات شأن وطني يتجاوز الحسابات الحزبية الضيقة. وهو ما يفرض إشراف وزارة الداخلية بصفتها جهة محايدة في نظر المؤسسة الملكية، قادرة على ضمان توازن النقاش وتكافؤ الفرص بين الفرقاء السياسيين.
3-مؤشر على تراجع الثقة السياسية؟
تكليف وزير الداخلية دون رئيس الحكومة قد يُقرأ أيضاً كمؤشر على نوع من الحذر تجاه أداء الحكومة الحالية في بعض الملفات الحساسة، أو ربما كإشارة إلى رغبة في ضبط الإيقاع السياسي في المرحلة المقبلة، تمهيداً لانتخابات نزيهة وشفافة، لا يشوبها تأثير مفرط من الفاعل التنفيذي الحزبي.
ثالثاً: ما الذي يُستنتج من هذا التوجه؟
-المؤسسة الملكية تحتفظ بزمام التوجيه الاستراتيجي:
هذا التكليف يعكس استمرار الدور المركزي للمؤسسة الملكية في تدبير المحطات المفصلية، خاصة عندما يتعلق الأمر بضمان الاستقرار السياسي وتعزيز الثقة في المسار الديمقراطي.
-مرحلة إعداد الانتخابات ستكون تحت رقابة دقيقة:
يبدو أن القصر الملكي يراهن على تحصين المسلسل الانتخابي من كل ما من شأنه أن يمس بمصداقيته، وبالتالي فإن إشراف وزارة الداخلية على المشاورات هو ضمانة لتأطير الحوار بشكل مضبوط وفعال.
-رسالة صريحة لإعادة ترتيب الأولويات:
الرسالة الضمنية للفاعل السياسي والحزبي المغربي واضحة: التركيز على مصلحة الوطن وتغليب منطق الحوار البناء على منطق المناورات السياسية.
فمخرجات هذا المقال ، تكليف جلالة الملك محمد السادس لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، بدل رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بإجراء المشاورات مع الأحزاب حول الانتخابات التشريعية لسنة 2026، ليس قراراً عادياً، إنه تكليف محمّل بالدلالات العميقة، يعكس حرصاً ملكياً على تأمين انتقال انتخابي سلس ومتوازن، وعلى ضمان حياد الفاعلين في محطة مفصلية ستحدد معالم المرحلة المقبلة في الحياة السياسية المغربية.
وفي النهاية، يبقى الأمل معقوداً على أن تعي الأحزاب المغربية هذه الرسالة جيداً، وتلتقط الإشارات الملكية بما يخدم مصلحة الوطن ويُعزز البناء الديمقراطي.