هل ظاهرة التسول ظاهرة صحية وما أثرها على الاقتصاد والتنمية المستدامة بالمغرب ؟
عمرو العرباوي – مدير النشر
انه لمن دواعي العبث بمشاعر الناس التماس الاحسان والصدقات والتظاهر بالفقر والاعاقة وغيرها من التصرفات المستفزة والانتهازية والاسترزاقية للعديد من المخلوقات البشرية والتي لم تعد تمثل سوى البؤس والهشاشة المصطنعة واختلاق مواطنين صوريين لذوي الاحتياجات الخاصة ، هذه الكائنات البشرية التي تتظاهر لتمتهن حرفة التسول ، وهي بهذه الطريقة تنهب جيوب المواطنين من جهة ، ومن جهة اخرى تشوه سمعة بلدنا وتضر باقتصادنا وتعطل مسيرة التنمية.
- معنى ظاهرة التسول
ظاهرة التسول تشير إلى الظاهرة الاجتماعية التي تتمثل في طلب المساعدة المالية أو الصدقات من الآخرين بطرق غير قانونية أو غير أخلاقية. يقوم المتسولون عادةً بتقديم طلباتهم في الأماكن العامة مثل الشوارع أو المتاجر أو المراكز التجارية، وقد يستخدمون وسائل مختلفة لجذب انتباه الناس مثل الجراحة أو التشوهات أو عرض الأطفال أو الحيوانات.
و تعد ظاهرة التسول مشكلة اجتماعية واقتصادية في العديد من البلدان، ويمكن أن تكون نتيجة للفقر والبطالة والتشرد والعوامل الاجتماعية الأخرى. قد يلجأ الأشخاص إلى التسول كوسيلة لكسب المال لتلبية احتياجاتهم الأساسية أو لتغطية إدمانهم أو لأسباب أخرى.
- هل ظاهرة التسول ظاهرة صحية في المجتمع المغربي
ظاهرة التسول تعتبر ظاهرة اجتماعية واقتصادية في المجتمع المغربي، ولكنها ليست ظاهرة صحية بشكل مباشر. التسول يعتبر استغلالًا للحاجات الاقتصادية والاجتماعية لبعض الأفراد المحتاجين، وقد تشمل هؤلاء الأفراد أشخاصًا يعانون من ظروف صحية صعبة، مثل الأشخاص ذوي الإعاقة أو الأمراض المزمنة.
تتأثر صحة المجتمع المغربي بطرق عديدة بسبب التسول، وذلك لأنه يمكن أن يؤدي إلى زيادة في انتشار الفقر والتشرد، والتي قد تؤثر بدورها على صحة الأفراد المتسولين والمجتمع بشكل عام. قد يعاني المتسولون من ظروف صحية سيئة بسبب سوء التغذية والإسكان غير اللائق ونقص الرعاية الطبية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تنشأ مشكلات صحية أخرى في المجتمع بسبب التسول، مثل زيادة في انتشار الأمراض المعدية ونقل العدوى بين المتسولين والأفراد الآخرين، نظرًا للظروف السيئة التي يعيشون فيها ولضعف النظافة الشخصية والصحية في بعض الأحيان.
لمواجهة هذه المشكلة، يجب أن يتم التعامل مع التسول من خلال منظور شامل يشمل توفير الدعم الاجتماعي والاقتصادي للأفراد المحتاجين، بالإضافة إلى تعزيز الوعي العام بأسباب التسول وتبني استراتيجيات للتصدي لها. كما ينبغي توفير الرعاية الصحية الأساسية والنفسية للمتسولين وضمان حقوقهم الإنسانية الأساسية.
علاوة على الأثر الاجتماعي والاقتصادي، يمكن أن تؤثر ظاهرة التسول على الصحة العامة والنفسية للمجتمع المغربي. فالتسول قد يؤدي إلى زيادة في الجرائم والأنشطة غير القانونية، مما يؤثر سلبًا على الأمن العام ويخلق بيئة غير آمنة. هذا يمكن أن يسهم في تفشي العنف وتعزيز التوتر والقلق في المجتمع، مما يؤثر على الصحة النفسية للأفراد.
علاوة على ذلك، قد يتعرض المتسولون للتمييز والاستغلال والعنف من قبل الأفراد الآخرين أو حتى من قبل عصابات تسول تستغل ظروفهم الضعيفة. هذه التجارب السلبية يمكن أن تؤدي إلى تدهور الصحة النفسية والعاطفية للمتسولين، مما يؤثر على جودة حياتهم وقدرتهم على التكيف مع الحياة اليومية.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نذكر أن التسول قد يؤدي أحيانًا إلى استغلال الأطفال وتجنيدهم في أنشطة التسول. هذا يعرض الأطفال للعديد من المخاطر والتهديدات، بما في ذلك الإهمال والتعرض للعنف وفقدان الوصول إلى التعليم الأساسي والرعاية الصحية اللازمة. يعد هذا الأمر خرقًا لحقوق الطفل ويؤثر بشكل سلبي على صحتهم الجسدية والعقلية والاجتماعية.
لذا، يجب على المجتمع المغربي والجهات المعنية أن يعملوا سويًا للتصدي لظاهرة التسول من خلال التركيز على توفير فرص العمل الملائمة والتدريب المهني للأفراد المحتاجين، بالإضافة إلى تعزيز البرامج الاجتماعية التي توفر الدعم المالي والمساعدة الاجتماعية للأفراد المحتاجين. ينبغي أيضًا توفير فرص التعليم والتدريب المهني لتمكين الأفراد من الحصول على مهارات وفرص عمل أفضل.
علاوة على ذلك، يجب تكثيف الجهود لمكافحة الفقر وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، وذلك من خلال تعزيز فرص العمل والاستثمار في البنية التحتية وتنمية القطاعات الحيوية في المجتمع. يجب أن يركز الاهتمام أيضًا على تحسين الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية وتعزيز الرعاية الصحية الشاملة والمتاحة للجميع.
على المستوى التربوي، ينبغي تعزيز التوعية والتثقيف حول آثار التسول وحقوق الأطفال، وضرورة حمايةهم وتوفير بيئة آمنة وصحية لنموهم وتطورهم. يجب أن تتضمن الجهود الرامية للتصدي للتسول توفير برامج تعليمية وتربوية محدثة لتعزيز قيم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية لدى الأفراد.
بشكل عام، يتطلب معالجة ظاهرة التسول في المجتمع المغربي تعاون وجهود مشتركة بين الحكومة والمجتمع المدني والمؤسسات الخيرية والمنظمات الدولية. يجب أن تركز هذه الجهود على توفير الدعم الاجتماعي والاقتصادي والصحي للأفراد المتسولين، وتعزيز الوعي العام والتشجيع على الابتعاد عن التمييز والاستغلال والعنف المرتبطة بهذه الظاهرة.
- ماتأثير ظاهرة التسول على الاقتصاد الوطني المغربي وكذا على مشروع التنمية المستدامة
ظاهرة التسول لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد الوطني المغربي وعلى مشروع التنمية المستدامة في البلاد.من بين هذه التأثيرات الرئيسية:
تأثير على السياحة والصورة الدولية: تعتبر السياحة من المصادر الرئيسية للإيرادات في المغرب، ووجود ظاهرة التسول يمكن أن يؤثر سلباً على الصورة الدولية للبلاد وعلى قرارات السياح بزيارتها. يمكن أن يتسبب التسول في إزعاج السياح وترك تأثير سلبي على تجربتهم السياحية، مما يؤدي إلى تراجع الإقبال السياحي وتقلص الإيرادات المرتبطة به.
زيادة الفقر والعدالة الاجتماعية: يعتبر التسول ظاهرة تنمو بسبب الفقر وعدم المساواة الاجتماعية. إذا لم يتم معالجة الأسباب الجذرية للتسول وتحسين الظروف المعيشية للفئات الضعيفة، فإنها ستؤدي إلى زيادة الفقر وتفاقم العدالة الاجتماعية في المجتمع. وهذا يتعارض مع مبدأ التنمية المستدامة الذي يهدف إلى تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي للجميع.
تأثير على السوق العمل: قد يتسبب التسول في تفاقم البطالة وتراجع فرص العمل، حيث يتم تخصيص جزء من الدخل والموارد للتسول بدلاً من دعم إنشاء فرص عمل حقيقية وتوفير فرص تعليم وتدريب للأفراد. هذا يؤثر على قدرة الاقتصاد على تحقيق النمو المستدام وتوفير فرص العمل المستدامة للمواطنين.
تأثير على النظام الاجتماعي والقانوني: عندما يزداد انتشار التسول، فإنه يؤثر على النظام الاجتماعي والقانوني في المجتمع. تزايد ظاهرة التسول يمكن أن يؤدي إلى زيادة التوتر الاجتماعي وتدهور الأمن، حيث يمكن أن يصبح التسول وسيلة للجرائم المنظمة أو استغلال الأطفال في أنشطة غير قانونية.
علاوة على ذلك، قد يؤدي التسول إلى تشويه النظام الاقتصادي والتجاري. بعض الأفراد قد يستغلون ظروف التسول للحصول على دعم ومساعدات مالية من الحكومة أو المنظمات الخيرية بطرق غير شرعية أو مضللة. هذا يؤثر على نزاهة وفعالية البرامج الاجتماعية والاقتصادية الموجهة للفئات المحتاجة ويقلل من قدرتها على تحقيق التنمية المستدامة.
- دراسة تقديرية حول عدد و مدخول المتسولين ببعض المدن المغربية و هي :
– الدارالبيضاء : 3000 متسول
الرباط : 1000 متسول
مراكش : 2000 متسول
اكادير : 1000 متسول
طنجة : 1000 متسول
فاس : 1000 متسول
فرضا ان المدخول اليومي لكل متسول هو 300 درهم فان المدخول الشهري هو 9000 درهم و بالتالي فالمدخول السنوي هو 000 108 درهم.
و بالرجوع الى عدد المتسولين بهذه المدن و هو 9000 متسول : اذا فالمدخول الشهري هو 000 000 972 درهم و بالتالي فالمدخول السنوي هو 000 000 664 11 درهم ❗
رغم ان هذه الارقام تقديرية لكن الواقع يوحي بما هو اكثر.
- لمكافحة ظاهرة التسول وتأثيراتها السلبية على الاقتصاد الوطني المغربي ومشروع التنمية المستدامة، تعتبر الحلول التالية ضرورية:
تحسين البنية التحتية والخدمات الاجتماعية: يجب تعزيز الاستثمار في البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والإسكان. ذلك يشمل توفير فرص تعليمية وتدريبية للأفراد وتعزيز فرص العمل والدخل.
تعزيز الوعي والتثقيف: يجب توعية المجتمع بمشكلة التسول وتأثيراتها السلبية. يمكن تنظيم حملات توعوية لتعزيز الوعي بضرورة دعم الأشخاص المحتاجين من خلال القنوات الرسمية والمؤسسات المختصة.
تعزيز الحماية الاجتماعية: ينبغي تعزيز النظام الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة وتقديم الدعم اللازم لهم. يمكن توفير برامج الضمان الاجتماعي والمساعدات المالية للأفراد ذوي الدخل المحدود والمحتاجين، وذلك بهدف تقليل حالات التسول وتحسين ظروفهم المعيشية.
تعزيز التعاون الدولي: يعد التسول ظاهرة عابرة للحدود، ولذا يتطلب مكافحتها تعاون دولي. يجب تعزيز التعاون مع الدول الأخرى لمشاركة الخبرات والممارسات الناجحة في مكافحة التسول وتبادل المعلومات والتعاون في إعادة التأهيل والإعانات الاجتماعية.
تشديد الرقابة وتطبيق القانون: ينبغي تشديد الرقابة على التسول ومكافحة الظواهر ذات الصلة، وتطبيق القوانين والعقوبات الصارمة ضد المتسولين المنظمين والمستغلين. يجب تعزيز التعاون بين الشرطة والجهات المعنية لمكافحة هذه الظاهرة.
إجراءات مثل هذه يمكن أن تساهم في تقليل ظاهرة التسول وتقليل تأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني المغربي ومشروع التنمية المستدامة. ومن المهم أن يكون لهذه الإجراءات الشاملة الدعم القوي من قبل الحكومة والمجتمع المدني والمؤسسات المعنية لضمان النجاح في مكافحة هذه الظاهرة وتحقيق التنمية المستدامة.