أداء الفاعل السياسي بين الممارسة السياسية الفعلية و الخرف السياسي :
برشيد: عمرو العرباوي/مدير النشر
مامعنى السياسة لغة و اصطلاحا في العرف السياسي:
في اللغة، السياسة تشير إلى العملية التي تهدف إلى إدارة شؤون الدولة والمجتمع بشكل عام، وتشمل هذه العملية اتخاذ القرارات السياسية، وتنفيذها، والتفاوض والتفاعل مع الجمهور والأحزاب السياسية والمؤسسات الحكومية والخاصة.
أما في الاصطلاح السياسي، فالسياسة تعني المبادئ والأفكار والأهداف التي توجه العملية السياسية، وتشمل تلك المبادئ والأفكار الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية والدبلوماسية والعسكرية والخارجية.
بشكل عام، فإن السياسة تعني العملية الحكومية والإدارية التي تتم لإدارة الدولة وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المرجوة. وتعد السياسة مهمة جداً في المجتمعات الحديثة حيث تساهم في تنظيم حياة الناس وإدارة شؤونهم بطريقة فعالة ومنظمة.
مامعنى الفاعل السياسي:
يمكن تعريف الفاعل السياسي على أنه الشخص أو المجموعة التي تتصرف وفقاً لأهداف سياسية وتعمل على تحقيقها في الساحة السياسية، ويتمثل دورها في النظام السياسي في القيام بالتأثير على صناعة القرار السياسي وتوجيهه، وذلك من خلال المشاركة في الانتخابات والحملات الانتخابية واللوبيات والحركات الاجتماعية والحزبية والنقابية والجمعيات والمنظمات غير الحكومية وغيرها.
يعتبر الفاعل السياسي شخصية مؤثرة في الحياة السياسية، وتختلف أهدافه ووسائله من فرد إلى آخر، ويمكن أن تكون هذه الأهداف مرتبطة بالحريات الفردية أو العدالة الاجتماعية أو القضايا الاقتصادية أو الأمن الداخلي والخارجي للبلد، وغيرها من القضايا السياسية.
مامعنى الممارسة السياسية:
الممارسة السياسية هي العملية التي يتم فيها ممارسة النشاط السياسي، والذي يتضمن العمل في المجال السياسي والمشاركة في الأنشطة السياسية المختلفة، مثل التصويت والترشح للانتخابات والمشاركة في الحملات الانتخابية والتظاهرات والمظاهرات والندوات والمؤتمرات والاجتماعات السياسية، وتأسيس الحركات السياسية والأحزاب السياسية والمنظمات السياسية الأخرى.
وبشكل أساسي، فإن الممارسة السياسية تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية معينة، مثل تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، والدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتعزيز الديمقراطية وتحسين الحكم وإدارة الدولة، والتصدي للفساد والظلم والاستبداد والعنف السياسي.
وبشكل عام، فإن الممارسة السياسية هي جزء أساسي من الحياة السياسية في أي دولة ديمقراطية، وتعد وسيلة فعالة للمواطنين للمساهمة في صنع القرارات السياسية والمساهمة في تحسين الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع.
مامعنى الخرف السياسي في علم السياسة:
يشير مصطلح الخرف السياسي إلى فقدان المجتمع أو الدولة لقدرتها على اتخاذ القرارات الصائبة والمناسبة، وذلك بسبب عدم توافق القوى السياسية وتعطيل عملية صنع القرارات، أو بسبب الفساد السياسي الذي يؤثر على القرارات المتخذة. وعندما يصبح الخرف السياسي شديدًا، فإنه يمكن أن يؤدي إلى فشل الحكومة في توفير الخدمات العامة والأمن للمواطنين، مما يؤدي إلى انهيار النظام السياسي بشكل كامل.
وبمعنى آخر، يعتبر الخرف السياسي تدهورًا في القدرة على اتخاذ القرارات السياسية الصحيحة والملائمة في البلدان، ويمكن أن ينجم عن العديد من العوامل، بما في ذلك الفساد السياسي والتعصب الحزبي وعدم القدرة على التوافق وغيرها من الأسباب. وعندما يحدث الخرف السياسي، يصعب التخلص منه، ويمكن أن يؤدي إلى مشاكل كبيرة في البلدان، بما في ذلك الفوضى والاضطرابات والتقلبات الاقتصادية والاجتماعية.
ماهي اسباب الخرف السياسي:
الخرف السياسي هو حالة تحدث عندما يفقد السياسيون القدرة على التفكير واتخاذ القرارات بشكل منطقي ومستنير. ويمكن أن تنجم عن عدة عوامل، منها:
1- العمر المتقدم: حيث يؤدي التقدم في العمر إلى تراجع القدرات العقلية والذهنية، مما يجعل الأفراد أقل قدرة على التركيز والتحليل واتخاذ القرارات.
2- الإرهاق والإجهاد: يمكن أن يؤدي العمل الشاق والضغوطات النفسية والجسدية المستمرة إلى إرهاق الأفراد وإرباكهم، مما يؤثر على قدرتهم على التفكير بوضوح واتخاذ القرارات بشكل صحيح.
3- الأمراض النفسية: يعاني العديد من السياسيين من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق والتوتر والإدمان، وهذه الأمراض قد تؤثر على قدراتهم العقلية وتجعلهم يفقدون القدرة على التفكير واتخاذ القرارات بشكل صحيح.
4- العزلة الاجتماعية: يمكن أن يؤدي الانعزال الاجتماعي والعزلة إلى تدهور الحالة العقلية للأفراد، مما يؤثر على قدرتهم على التفاعل مع الآخرين واتخاذ القرارات بشكل مناسب.
5- الشهرة والنجاح: يمكن أن يؤدي الشهرة والنجاح إلى إعاقة الأفراد عن التفكير بوضوح واتخاذ القرارات بشكل صحيح، حيث يصبحون مغرورين بنفسهم ويعتقدون أنهم فوق الجميع.
6- الفساد: يمكن أن يؤدي الفساد والاختلاس إلى تدهور الحالة العقلية للسياسيين، حيث يصبحون غير قادرين على التفكير بوضوح.
ما تأثير الخرف السياسي على مشروع التنمية المستدامة:
يشير مصطلح “الخرف السياسي” إلى عدم القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة والفعالة في الحكم والإدارة والسياسة، ويمكن أن يكون لهذا التحدي تأثير سلبي على مشروع التنمية المستدامة.
عندما تعاني الحكومات من الخرف السياسي، فإنها غالبًا ما تفتقر إلى الرؤية الواضحة والاستراتيجية المدروسة والإرادة السياسية القوية للتحرك نحو التنمية المستدامة. قد تتأخر الخطط والسياسات الهامة والإصلاحات التي تعزز التنمية المستدامة، مما يعرض الاقتصادات والمجتمعات للمزيد من التدهور البيئي والاجتماعي والاقتصادي.
وبالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الخرف السياسي إلى زيادة الفساد والانحراف عن القواعد والمبادئ الأخلاقية والقانونية التي تحفظ النمو المستدام والعدالة الاجتماعية والبيئية. وبالتالي، فإن الخرف السياسي يمكن أن يشوش على جهود التنمية المستدامة ويعرضها للفشل.
وللتغلب على هذا التحدي، يتعين على الحكومات تعزيز الحوكمة الرشيدة والمسؤولة، وتشجيع المشاركة المجتمعية وتعزيز الشفافية والمساءلة والعدالة الاجتماعية. كما يتطلب الأمر تعزيز القدرات المؤسسية والتنظيمية والفنية لتنفيذ استراتيجيات التنمية المستدامة بفاعلية.
هل يمكن تقويم الخرف السياسي:
لا يوجد تقويم رسمي للخرف السياسي، ولكن هناك بعض الطرق التي يمكن استخدامها لتقييم قدرة الشخص على التفكير واتخاذ القرارات السياسية المناسبة. ومن هذه الطرق:
1- اختبارات الذكاء: يمكن إجراء اختبارات الذكاء للمرشحين السياسيين لتحديد مستوى ذكائهم وقدرتهم على التفكير النقدي واتخاذ القرارات المناسبة.
2- التاريخ السياسي: يمكن تقييم خبرة المرشح السياسي من خلال النظر في سجله السياسي وما حققه في الماضي، وكذلك قدرته على التكيف مع التغييرات السياسية.
3- القدرة على التواصل: يمكن تقييم قدرة المرشح السياسي على التواصل والتعبير عن الأفكار والآراء بوضوح ودقة، وتبادل وجهات النظر مع الآخرين.
4- قدرة التحمل والصبر: يمكن تقييم قدرة المرشح السياسي على التحمل والصبر في مواجهة الضغوط السياسية والمشاكل الدائمة التي تواجهه في ممارسة عمله.
5- القدرة على اتخاذ القرارات: يمكن تقييم قدرة المرشح السياسي على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب وبشكل صحيح، وكذلك قدرته على تحمل المسؤولية عن القرارات التي يتخذها.
