اخبار منوعة

اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين: تصحيح لمسار تاريخي ارتبط بوعد بلفور

ذا عمرو العرباوي/مدير النشر

في خطوة وُصفت بالتاريخية والمفصلية في مسار القضية الفلسطينية، أعلنت المملكة المتحدة اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، معتبرة أن هذه الخطوة تأتي لتصحيح خطأ تاريخي ارتُكب قبل أكثر من قرن، مع وعد بلفور سنة 1917 الذي أسس لقيام الكيان الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني وأرضه، هذا القرار البريطاني ليس مجرد إعلان دبلوماسي عابر، بل يمثل مراجعة عميقة لمسؤولية تاريخية لطالما لاحقت السياسة البريطانية في الشرق الأوسط.

منذ أكثر من مئة عام، كان وعد بلفور بمثابة الشرارة الأولى التي منحت المشروعية الاستعمارية لتهجير الفلسطينيين وتشريدهم، وفتح الباب أمام أطول صراع في المنطقة، اليوم، بعودة بريطانيا لتدارك هذا “الإرث الثقيل”، فإنها تعلن انحيازها للشرعية الدولية ولحق الشعوب في تقرير مصيرها.

المبررات التي قدمتها لندن لهذا القرار تتجلى في ثلاث مستويات أساسية:

أولاً: الاعتبارات التاريخية والأخلاقية.
بريطانيا أقرت بشكل غير مباشر بمسؤوليتها التاريخية عن المأساة الفلسطينية، إذ إن وعد بلفور لم يأخذ في الحسبان حقوق السكان الأصليين من الفلسطينيين، بل منح ما لا يملك لمن لا يستحق، ومن هنا جاء الاعتراف كتصحيح لمسار بدأ بخطأ استعماري مازال الفلسطينيون يدفعون ثمنه حتى اليوم.

ثانياً: المرجعية القانونية الدولية.
القرار يستند إلى القرارات الأممية المتتالية التي أكدت حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو بذلك يضع بريطانيا في انسجام مع الشرعية الدولية بعد عقود من الغموض والتردد في موقفها من الصراع.

ثالثاً: البعد السياسي والاستراتيجي.
المملكة المتحدة باتت تدرك أن استمرار تجاهل الحق الفلسطيني لم يعد مقبولاً في ظل التوترات المتصاعدة بالمنطقة. كما أن الاعتراف يسعى إلى إعادة التوازن في مقاربة الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ويدعم خيار “حل الدولتين” الذي تراه لندن أساساً وحيداً لاستقرار طويل الأمد في الشرق الأوسط.

هذا الموقف البريطاني أثار ارتياحاً واسعاً لدى الفلسطينيين، الذين اعتبروا القرار خطوة في الاتجاه الصحيح نحو استعادة بعض من حقوقهم المسلوبة، فيما رحبت العديد من الدول العربية والإسلامية به باعتباره بداية لتصحيح مسار دولي طال انتظاره. وفي المقابل، أثار القرار حفيظة إسرائيل التي اعتبرته انحيازاً ضدها، مؤكدة أنه سيزيد من تعقيد المشهد السياسي.

مخرجات هذا المقال ، يمكن القول إن اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين لم يكن مجرد مناورة سياسية أو قراراً ظرفياً، بل هو بمثابة اعتذار متأخر وتصحيح لمسار تاريخي طويل من التجاهل والمعاناة، ورغم أن الاعتراف لا يغير واقع الاحتلال على الأرض بشكل فوري، إلا أنه يفتح نافذة أمل جديدة للشعب الفلسطيني، ويعيد وضع القضية في قلب النقاش الدولي بصفة أكثر عدلاً وتوازناً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى