حينما تتجاوز “لوموند” حدود المهنية في تناولها لرمز الوحدة والسيادة الوطنية

ذا عمرو العرباوي / مدير النشر
أثارت السلسلة الأخيرة التي نشرتها جريدة لوموند الفرنسية حول جلالة الملك محمد السادس حفظه الله والعائلة الملكية الشريفة جدلا واسعا، ليس فقط في المغرب، بل أيضا في أوساط المتابعين للعلاقات المغربية الفرنسية، وإذا كانت حرية التعبير ركيزة أساسية في العمل الصحفي، فإن الموضوعية والتوازن يظلان معيارين حاسمين في الحكم على مصداقية أي مادة إعلامية مستقلة .
من يقرأ ما كتبته صحيفة لوموند يلاحظ أن الأمر تجاوز التحقيق الصحفي المهني ، ليأخذ طابع الحملة الموجهة والمغرضة .
المقالات لم تكتف بطرح أسئلة مشروعة حول الإصلاحات الكبيرة والمتنوعة أو رهانات المستقبل، بل انزلقت نحو تبني روايات نمطية، أحيانا غير دقيقة تفتقد إلى الحقيقة و السند الموثق، مما يضع علامات استفهام حول خلفيات هذا التوقيت وطبيعة ومصدر المراجع المستقاة .
المتابع للشأن المغربي يدرك أن المملكة عرفت خلال العقدين الأخيرين تحولات كبرى على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبنية التحتية، جعلتها قوة إقليمية ودولية موثوق بها ومميزة، لكن لوموند، في سلسلتها، اختارت التركيز على الزوايا المظلمة وتضخيم الروايات السلبية، متجاهلة الإنجازات التنموية، ودور المغرب في استقرار المنطقة، ومساهماته الملموسة في القضايا الدولية مثل الهجرة، مكافحة الإرهاب، وحماية البيئة.
لا أحد ينكر أن المغرب، كأي دولة نامية، يواجه تحديات حقيقية مرتبطة بالفوارق الاجتماعية، البطالة، وتحديث الإدارة، لكن هذه التحديات لا تُعالج بالاختزال أو بالصور النمطية، بل بالتحليل الموضوعي الذي ينقل الواقع كما هو: بلد يراكم الإنجازات، وفي نفس الوقت يشتغل على معالجة نقائصه.
جلالة الملك محمد السادس يحظى بحب كل المغاربة، ليس فقط باعتباره رأس الدولة، بل أيضا كرمز لوحدة الأمة واستقرارها. التشكيك المتكرر في دوره أو في تماسك المؤسسة الملكية لا يعكس فقط قراءة قاصرة، بل قد يُفهم كمسّ بالخيارات السيادية لشعب اختار نظامه السياسي بوعي تاريخي عميق.
المغرب منفتح على النقد البناء وعلى النقاش العمومي القويم ، لكنه يرفض بطبيعة الحال حملات التشويه أو الاستهداف الرخيص ، المطلوب من منابر بحجم لوموند أن ترتقي بمعاييرها المهنية، وألا تتحول إلى أداة لتصفية حسابات سياسية أو أيديولوجية، فالمسؤولية الأخلاقية للصحافة الدولية تقتضي المهنية والنزاهة وتقديم صورة متوازنة، تتيح للقارئ الاطلاع على جميع الأبعاد، لا على جانب واحد فقط.
مخرجات هذا المقال، ينبغي على من يبيح لنفسه حق نقد أسياده دون موجب حق ، ودون توفره على الحجة و السند الصحيح ، أن يعلم يبقى المغرب، بقيادة الملك محمد السادس حفظه ، بلدا واثقا بخياراته واختياراته الاستراتيجية، مواصلا أوراش الإصلاح والتنمية، ومنفتحا على العالم، وأن وما يكتبه ويروج له وما يخططون له الآخرون ،سواء حقيقيا أو مغرضا ، لن يتحقق مسعاهم ، ولن يزيد المغاربة إلا حبا وتعلقا و تمسكا بملكهم رمز الوحدة والسيادة الوطنية .