محاربة الفساد مدخل الدولة الجاد لتنزيل النموذج التنموي الجديد

ذا عمرو العرباوي/ مدير النشر
في خطوة تعبّر عن تحوّل نوعي في خطاب السلطة التنفيذية، وجّه وزير الداخلية المغربي رسائل حازمة إلى المنتخبين والمسؤولين المحليين، دعاهم فيها إلى إعادة الأراضي المترامى عليها والأموال المنهوبة، تحت طائلة استرجاعها بالقوة في حال الامتناع.
خطاب “الوعد والوعيد” هذا لم يكن مجرد تهديد إداري، بل إشارة واضحة إلى أن الدولة تتجه نحو مرحلة جديدة من الحزم والمسؤولية في تنزيل ورش النموذج التنموي الجديد.
فمنذ أن أطلق جلالة الملك محمد السادس هذا المشروع الإصلاحي، أصبح واضحاً أن نجاح أي تنمية حقيقية لا يمكن أن يتحقق في ظل الفساد وسوء التدبير، لقد حدّد التقرير العام للنموذج التنموي أن ضعف الثقة بين المواطن والدولة هو أحد أكبر العوائق أمام التنمية، وأن القضاء على الفساد شرط أساسي لاستعادة تلك الثقة.
لهذا، فإن تحرك وزارة الداخلية لمواجهة التجاوزات في تسيير الجماعات الترابية واسترجاع المال العام يدخل في صميم التحول المؤسساتي الذي تطمح إليه الدولة: بناء إدارة محلية فعالة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتطهير الحقل السياسي من الانتهازيين.
ويلاحظ أن الخطوات العملية بدأت فعلاً: توقيف منتخبين ومسؤولين، إحالة ملفات على القضاء، وتفعيل الرقابة الصارمة على تدبير الممتلكات العمومية، وهي مؤشرات تعكس إرادة سياسية حقيقية لتحويل مبدأ الحكامة الجيدة من مجرد شعار إلى ممارسة واقعية.
غير أن الرهان الأكبر يظل في استدامة هذه الإرادة، وضمان استقلالية القضاء، وحماية المبلّغين، وتعميم الشفافية في النتائج، حينها فقط سيشعر المواطن أن المال العام له حرمة، وأن الدولة لا تتساهل مع الفاسدين، وأن النموذج التنموي الجديد ليس وثيقة نظرية، بل مشروع وطني قيد التنفيذ.
مخرجات هذا المقال ، يمكن اعتبار خطاب وزير الداخلية هو بداية مرحلة جديدة في علاقة الدولة بالمجتمع، عنوانها الحزم في المحاسبة(الوسيط السياسي اعني المنتخبين )، والوضوح في الإصلاح، والجدية في بناء مغرب الثقة والكرامة والتنمية.



