اخبار منوعة
موقع السلطة القضائية بالمغرب بين ضمان الامن القضائي وبين خلق بيئة رقمية سليمة تراعي خصوصية الأفراد وحقوقهم

عمرو العرباوي – مدير النشر
تعتبر السلطة القضائية في المغرب دعامة أساسية لضمان الأمن القضائي وحماية حقوق الأفراد والمجتمع، كما أن التحول الرقمي الذي تعرفه المنظومة القضائية يهدف إلى تحسين خدمات العدالة وجعلها أكثر شفافية وفعالية، ومع ذلك، يواجه هذا الوضع تحديات تتعلق بتحقيق التوازن بين حماية خصوصية الأفراد وحقوقهم من جهة، وضمان أمن النظام القضائي من جهة أخرى.
ولفهم هذه الدور الواعد للسلطة القضائية ببلادنا يمكن تحديد المفاهيم القانونية التالية :
- أولا :ضمان الأمن القضائي:
فالأمن القضائي يتمثل في توفير قضاء مستقل وفعال يضمن احترام سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات ، وتحقيق هذا الهدف يتطلب :
-استقلال القضاء: ضمان عدم التدخل في القرارات القضائية بما يحفظ حياد السلطة القضائية.
-تسريع البت في القضايا: تقليل مدة التقاضي عبر تسهيل الإجراءات القضائية وإدماج الوسائل الرقمية.
-مكافحة الفساد: تبني سياسات واضحة لمكافحة الفساد داخل المنظومة القضائية.
-تعزيز الثقة العامة: عبر تقديم خدمات قضائية تحقق العدالة وتُشعر المواطنين بالأمان.
- ثانيا :خلق بيئة رقمية تراعي الخصوصية وحقوق الأفراد:
-مع التحول الرقمي الذي يشمل رقمنة المحاكم والسجلات القضائية، تظهر تحديات جديدة ترتبط بحماية البيانات الشخصية والحفاظ على الخصوصية، وتشمل:
-رقمنة الملفات القضائية: انتقال القضايا والمعاملات إلى منصات إلكترونية يسهل الوصول إليها، مما يطرح مخاطر تسرب أو إساءة استخدام البيانات.
-ضمان أمن المعلومات: تعزيز أنظمة الأمن السيبراني لحماية الأنظمة القضائية من الاختراق.
-مراعاة الخصوصية: وضع ضوابط قانونية تحدد كيفية استخدام البيانات الشخصية والتعامل معها، بما ينسجم مع القوانين الوطنية والدولية (مثل قانون حماية المعطيات الشخصية 09-08).
- ثالثا :الإشكالات والتحديات:
-التوازن بين الشفافية وحماية البيانات: السعي لتمكين المواطنين من الاطلاع على المعلومات القضائية مع الحفاظ على سرية القضايا وحماية المعطيات الشخصية.
-اختلاف مستويات الكفاءة الرقمية: تفاوت المعرفة الرقمية بين القضاة وموظفي المحاكم والمواطنين قد يشكل عقبة أمام استخدام الأنظمة الرقمية بكفاءة.
-الثغرات القانونية: قد تكون هناك حاجة لتطوير قوانين تُواكب التطورات الرقمية وتحمي الخصوصية.
- رابعا : مقترحات لتحسين الوضع:
-تطوير البنية التحتية الرقمية: الاستثمار في تقنيات حديثة تضمن سرعة المعاملات القضائية وأمنها.
-التدريب والتوعية: توفير برامج تدريب للقضاة وموظفي المحاكم حول استخدام الأنظمة الرقمية وآليات حماية الخصوصية.
-تعزيز التشريعات: تحديث القوانين المرتبطة بالمعطيات الشخصية وضمان توافقها مع المعايير الدولية.
-الشراكة مع خبراء التقنية: التعاون مع جهات متخصصة لضمان جودة وكفاءة الأنظمة الرقمية.
- خامسا :دور الرقمنة في تعزيز الوصول إلى العدالة:
-التقريب بين القضاء والمواطنين: من خلال تطوير بوابات إلكترونية تتيح للمواطنين تقديم الشكاوى وتتبع القضايا دون الحاجة إلى التنقل، مما يخفف من معاناة الفئات الهشة.
-تحسين جودة الخدمة القضائية: الأنظمة الرقمية يمكن أن تقلل من الأخطاء الإدارية التي كانت تحدث في المعاملات التقليدية.
-التقاضي عن بعد: خاصة في حالات الطوارئ (مثل جائحة كوفيد-19)، حيث أثبتت التقنية قدرتها على ضمان استمرارية العمل القضائي.
- سادسا :البعد الثقافي والاجتماعي:
-نشر الوعي الرقمي: هناك حاجة لتوعية المواطنين حول حقوقهم وواجباتهم في البيئة الرقمية القضائية.
-التغلب على التخوفات: بناء الثقة في الأنظمة الرقمية من خلال الشفافية وإثبات فعاليتها.
-تقليص الفجوة الرقمية: خاصة بين المناطق الحضرية والقروية، لضمان استفادة جميع المواطنين من التحول الرقمي.
- سابعا :التعاون الدولي والإقليمي:
-يمكن للسلطة القضائية المغربية الاستفادة من تجارب دول أخرى في مجال رقمنة العدالة، خاصة فيما يتعلق:
-بحماية البيانات الشخصية.
-تطوير البنية التحتية القضائية الرقمية.
-تبني معايير دولية في الأمن السيبراني.
مخرجات هذا المقال ، يمكن القول أن التحول الرقمي للسلطة القضائية في المغرب ليس فقط وسيلة لتحسين الكفاءة، بل هو خطوة نحو ترسيخ دولة القانون وتعزيز ثقة المواطنين في النظام القضائي، ومع ذلك، يبقى النجاح مرهوناً بمدى قدرة السلطة القضائية وباقي السلطات والمجتمع المدني على معالجة الإشكالات التقنية والقانونية والاجتماعية التي تبرز خلال هذا الانتقال الرقمي الأمر الذي يستدعي ارادة قوية ، وموارد كافية ، وتعاونا شاملا لتحقيق العدالة للجميع .