اخبار وطنية

فراغ سياسي وإحباط شعبي ،حينما تعجز السياسة المغربية عن تجديد نفسها

ذا عمرو العرباوي / مدير النشر
يعيش المغرب لحظة سياسية توصف بغير المسبوقة: فراغ في المبادرة السياسية يقابله إحباط شعبي عارم من أداء الفاعلين، سواء داخل الأغلبية أو المعارضة. فالمشهد العام يوحي وكأن السياسة فقدت معناها، وتحولت إلى مجرد صراع مواقع وحسابات انتخابية ضيقة، بينما بقيت هموم المواطن على الهامش.
أحزاب عاجزة وخطاب متجاوز : الطبقة السياسية المغربية، بمختلف أطيافها، تبدو عاجزة عن إنتاج خطاب مقنع أو بلورة حلول عملية، فالأغلبية الحكومية، التي يفترض أن تحمل مشروعاً تنموياً واضحاً، انغمست في تدبير يومي بروح بيروقراطية باهتة، دون أن تقدم رؤية إصلاحية حقيقية، أما المعارضة، فقد فقدت بريقها، واكتفت بلعب أدوار ثانوية تقتصر على النقد المناسباتي، دون أن تقدم نفسها كبديل جاد.
من الوعود إلى خيبة الأمل: المغاربة تعبوا من سماع لغة الوعود الفضفاضة التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ. فالمواطن البسيط لا يعنيه الصراع حول الحقائب والمقاعد بقدر ما ينتظر تحسين التعليم والصحة والتشغيل والعدالة الاجتماعية، لكن في غياب سياسة عمومية ناجعة، تتسع الهوة بين المجتمع ومؤسساته المنتخبة، ويترسخ الشعور بأن اللعبة السياسية مجرد “ديكور” لا أكثر.
 القاعدة  الانتخابية الشابة فقدت الثقة: هذا الوضع أفرز أزمة ثقة حادة، جعلت قطاعات واسعة من الشباب تدير ظهرها للمشاركة السياسية، وتفضل التعبير عن غضبها عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو الاحتجاج غير المؤطر، ومع استمرار هذا الجمود، تزداد المخاطر على مصداقية المؤسسات، ما قد يفرغ المسار الديمقراطي برمته من محتواه.
ممكنات الخروج من هذه الأزمة : إذا أرادت السياسة المغربية استعادة ثقة الناس، فعليها أن تتحلى بالشجاعة والجرأة في الإصلاح:
تجديد النخب: كسر منطق الزبونية والولاءات داخل الأحزاب، وفتح المجال أمام كفاءات شابة ووجوه جديدة تحمل روحاً إصلاحية.
إعادة تعريف دور المعارضة: أن تتحول إلى قوة اقتراحية حقيقية، لا مجرد “ظل” للأغلبية.
خطاب واقعي وملموس: يقطع مع لغة التبرير والتجميل، ويتوجه مباشرة إلى المواطن بلغة الأرقام والإنجازات.
ربط المسؤولية بالمحاسبة: فلا معنى للحديث عن الديمقراطية دون مساءلة حقيقية للمسؤولين السياسيين.
مخرجات هذا المقال ، إن الأزمة التي يعيشها المشهد السياسي المغربي ليست قدراً محتوماً، لكنها مرآة لضعف الإرادة السياسية وغياب الرؤية الإصلاحية. المطلوب اليوم ليس تجميل الواجهة، بل إعادة بناء السياسة من أساسها، على قاعدة الصدق، الكفاءة، والمحاسبة،غير ذلك سيظل الفراغ السياسي والإحباط الشعبي جرحاً مفتوحاً يهدد حاضر البلاد ومستقبلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى