اخبار منوعة

المقاربة التشاركية في تدبير ملف الصحراء: رؤية ملكية لترسيخ السيادة وتعزيز الإجماع الوطني

ذا عمرو العرباوي/ مدير النشر

في خطوة ذات دلالات سياسية واستراتيجية عميقة، جاءت دعوة الأحزاب السياسية المغربية من قبل الديوان الملكي، بأمر من جلالة الملك محمد السادس، للتدارس حول مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، تبعًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797 الصادر بتاريخ 31 أكتوبر 2025، والذي أكد من جديد على واقعية وجدّية المقترح المغربي كحلّ وحيد ونهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.

هذه الدعوة الملكية تندرج في إطار المقاربة التشاركية التي تُعد إحدى الركائز الأساسية في النموذج المغربي لتدبير القضايا الوطنية الكبرى، فالمسألة لم تعد مجرّد ملف دبلوماسي يدار في أروقة الأمم المتحدة، بل أصبحت قضية وطنية جامعة تستدعي تعبئة كل الطاقات السياسية والمؤسساتية والمدنية، من أجل تحيين وتثبيت التصور المغربي للحكم الذاتي في أفق تنزيله كحلّ عملي ومستدام ينسجم مع مبادئ السيادة والوحدة الترابية للمملكة.

لقد أكد جلالة الملك محمد السادس، في أكثر من مناسبة، أن الدفاع عن الوحدة الترابية لا يُختزل في الشعارات، بل يتجسد في العمل الجماعي المنسّق الذي يُشرك كل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين ضمن رؤية موحدة، ومن هنا تأتي أهمية اللقاء الذي دعا إليه الديوان الملكي، باعتباره منصة تشاورية عليا تهدف إلى بلورة رؤية وطنية متجددة، تُعزز مكتسبات الدبلوماسية المغربية، وتمنح المقترح المغربي قوة سياسية ودستورية أوسع من خلال إشراك الأحزاب في صياغة ملامح المرحلة المقبلة.

وتكشف هذه الخطوة عن نضج التجربة الديمقراطية المغربية التي تجعل من الحوار والتوافق آلية أساسية في اتخاذ القرار، خصوصًا في القضايا ذات البعد الاستراتيجي والسيادي، فإشراك الأحزاب في بلورة الموقف الوطني لا يقتصر على تقوية الجبهة الداخلية فحسب، بل يُعطي للعالم صورة واضحة عن تماسك الإرادة المغربية، وعن عمق المشروع الإصلاحي الذي يقوده جلالة الملك في إطار رؤية تنموية ودبلوماسية متكاملة.

إن المقاربة التشاركية في هذا السياق ليست مجرد إجراء شكلي، بل هي تجسيد لمفهوم الدولة الحديثة التي تُبنى على أساس الثقة بين المؤسسة الملكية والقوى الحية للأمة. وهي كذلك رسالة واضحة للمجتمع الدولي مفادها أن مقترح الحكم الذاتي ليس مبادرة ظرفية، بل هو مشروع وطني شامل يستمد مشروعيته من الإجماع الشعبي والسياسي حوله.

وبذلك، يمكن القول إن دعوة الأحزاب السياسية للتشاور بشأن تحيين وترسيم مقترح الحكم الذاتي تمثل منعطفًا حاسمًا في مسار القضية الوطنية، إذ تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العمل الوطني المشترك، تُكرّس مبدأ الشراكة والمسؤولية الجماعية في الدفاع عن السيادة والوحدة الترابية، وتؤكد أن المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، يسير بخطى واثقة نحو ترسيخ مشروعه الوطني في ظل الشرعية الدولية والدبلوماسية الذكية التي تجمع بين الواقعية والطموح.

مخرجات هذا المقال ، إن دعوة الأحزاب السياسية لمناقشة مقترح الحكم الذاتي ليست فقط مبادرة سياسية، بل ترجمة عملية لمفهوم المواطنة المسؤولة والمشاركة الفعلية في صنع القرار الوطني. وهي تعبير عن قناعة راسخة بأن الوحدة الوطنية تُبنى بالحوار والتشارك، وأن المغرب اليوم، وهو يرسخ مكانته الإقليمية والدولية، يواصل بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس حفظه الله المبدع تعزيز نموذج سياسي فريد قوامه: السيادة، التشارك، والتنمية المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى