سيدي رحال الشاطئ :مدينة تحتفل بالنفايات للأسبوع الثاني

ذا عمرو العرباوي/ مدير النشر
مشهد قاتم يضع المجلس الجماعي والسلطات المحلية في قفص الاتهام
على امتداد أسبوعين كاملين، تعيش جماعة سيدي رحال الشاطئ وضعاً بيئياً مأساوياً غير مسبوق، بعدما تحولت شوارعها وأزقتها إلى ما يشبه مكبّاً مفتوحاً للنفايات، أكوام من الأزبال مكدسة هنا وهناك، تفوح منها روائح كريهة وتغزوها الحشرات والكلاب الضالة، في مشهد بات يهدد صحة الساكنة ويضرب في العمق صورة الجماعة كوجهة صيفية يقصدها آلاف الزوار خلال هذه الفترة.
المتضرر الأول من هذه الأزمة هم المواطنون، الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بالنفايات أمام بيوتهم وفي طرقاتهم. أما عمال النظافة، فهم الطرف الأضعف في المعادلة، إذ يواصلون احتجاجاتهم بسبب تأخر صرف أجورهم لعدة أشهر، وهو ما يعكس هشاشة شروط عملهم وضعف التزام الشركة المفوض لها قطاع النظافة ببنود دفتر التحملات.
المثير في هذا المشهد القاتم هو ما يوصف بـ”اللامبالاة” من طرف المجلس الجماعي والسلطات المحلية، فبينما كان المنتظر التدخل العاجل لتطويق الأزمة البيئية، يلاحظ صمت رسمي يثير استياء الساكنة، خاصة وأن الوضعية تجاوزت الطابع المحلي لتصبح قضية رأي عام إقليمي وجهوي، بحكم ارتباط الجماعة بموسم الاصطياف.
المعضلة المطروحة لا يمكن اختزالها في مجرد إضراب لعمال النظافة، بل هي انعكاس لأزمة هيكلية يعيشها تدبير قطاع النظافة بعدد من الجماعات المغربية، ضعف المراقبة على شركات التدبير المفوض، غياب بدائل استباقية في حال توقف الخدمة، وغياب خطط واضحة لتدبير النفايات وفق معايير الاستدامة، كلها عوامل ساهمت في وصول الوضع إلى ما هو عليه اليوم.
الاستمرار في ترك النفايات مكدسة وسط الأحياء، خاصة في فصل الصيف ومع ارتفاع درجات الحرارة، يشكل خطراً بيئياً وصحياً مباشراً، فانتشار الروائح الكريهة والحشرات والقوارض يهدد الساكنة بأمراض تنفسية وجلدية، كما ينعكس سلباً على النشاط السياحي والتجاري بالمنطقة، وهو ما ينذر بخسائر اقتصادية إضافية لجماعة تعوّل على الصيف لإنعاش مداخيلها.
الحل الفعلي يبدأ من الاعتراف بالخلل في المنظومة، المطلوب أولاً تسوية وضعية عمال النظافة وصرف مستحقاتهم المتأخرة، باعتبارهم العمود الفقري للخدمة، ثم إعادة النظر في أداء الشركة المفوض لها، وتفعيل آليات المراقبة والغرامات في حال الإخلال بالالتزامات. كما أن على المجلس الجماعي وضع خطة طوارئ بديلة تضمن استمرار خدمة النظافة في حال وقوع أزمات مماثلة مستقبلاً.
مخرجات هذا المقال ، ما يحدث اليوم بسيدي رحال الشاطئ ليس مجرد أزمة محلية عابرة، بل جرس إنذار حقيقي يكشف حجم الهشاشة التي يعانيها قطاع النظافة في الجماعات المغربية، وبين صمت السلطات وغياب المجلس الجماعي، يبقى المواطن والعامل هما الحلقة الأضعف في معادلة يطبعها التسيب وقلة الحكامة.