اخبار منوعة

هندسة التنمية الترابية بالمغرب: قراءة تحليلية في مشروع إعادة تشكيل المجال والعدالة المجالية

ذا عمرو العرباوي /مدير النشر
في سياق يتسم بتعاظم التحديات التنموية وتفاقم الفوارق المجالية بالمغرب، يبرز مؤلف الدكتور المصطفى دليل تحت عنوان “هندسة التنمية الترابية بالمغرب” كمرجع علمي دقيق ومؤطر لنقاشات حيوية تتعلق بمستقبل التنمية الجهوية والوطنية، يأتي هذا العمل في خضم التحولات الكبرى التي يشهدها المغرب، خصوصًا بعد تبني خيار الجهوية المتقدمة ودسترة مبدأ العدالة المجالية كحق أساسي للمواطنين.
مضمون الكتاب: من التنظير إلى التفعيل الميداني،
ينطلق المؤلف من تساؤل جوهري: كيف يمكن هندسة تنمية ترابية فعالة في ظل تحديات تعددية الفاعلين وتفاوت الإمكانيات؟
ليجيب عن ذلك، يعمد إلى تحليل معمق لمفاهيم مركزية مثل التنمية الترابية، الهندسة الترابية، والتخطيط المجالي، مبرزًا في الآن ذاته السياق القانوني والمؤسساتي الذي يحكم هذه العملية في المغرب، وخاصة بعد دستور 2011.
يتناول الكتاب بالتفصيل دور الفاعلين الترابيين، وعلى رأسهم الجماعات الترابية، والولاة، والمجتمع المدني، مؤكدًا على أهمية التنسيق والتكامل بين مختلف هذه الجهات، في مقابل التحذير من مخاطر التداخل المؤسساتي وضعف الحكامة.
الهندسة الترابية بين النظرية والواقع،
يقدم المؤلف مفهوم “الهندسة الترابية” باعتباره ليس فقط تخطيطًا تقنيًا أو إداريًا، بل مشروعًا سياسيًا واجتماعيًا يستدعي إعادة توزيع السلطة والموارد.
وينتقد المؤلف مظاهر التمركز المفرط، وضعف الكفاءات المحلية، وغياب الرؤية التكاملية في مشاريع التنمية، معتبرًا أن هذه الاختلالات تفرغ الجهوية من مضمونها الحقيقي.
في المقابل، يعرض نماذج تنظيمية وأدوات عملية على غرار:
-برامج التنمية الجهوية
-برامج عمل الجماعات
-آليات التشخيص المجالي التشاركي
كما يشير إلى ضرورة تطوير الآليات التمويلية، وتعزيز القدرات التفاوضية للجماعات مع الدولة والقطاع الخاص.
نظرة مقارنة وتجارب مرجعية،
لم يكتف المؤلف بالتحليل الداخلي، بل سعى إلى مقارنة التجربة المغربية بتجارب دولية كفرنسا، كندا، وتونس، مبرزًا عناصر القوة والضعف في كل نموذج.
وخلص إلى أن النجاح في التنمية الترابية لا يرتبط فقط بالقوانين أو الهياكل، بل أيضًا بوجود نخب محلية مؤهلة، وتفعيل حقيقي للمواطنة التشاركية، والعدالة في توزيع المشاريع.
تحديات وإمكانات،
ينتهي الكتاب بدعوة واضحة إلى:
-تحقيق التكامل بين الرؤية الوطنية والرهانات الترابية.
-تجاوز النظرة التقنية للتنمية نحو مقاربة شمولية تضع الإنسان والمجال في صلب الاهتمام.
-تعزيز ثقافة التقييم والمساءلة محليًا.
مخرجات هذا المقال ، إن مؤلف “هندسة التنمية الترابية بالمغرب” ليس مجرد كتاب في التخطيط المجالي، بل هو صرخة فكرية وعلمية في وجه الاختلالات التنموية، ودعوة لتأسيس تعاقد جديد بين الدولة والمجال والمواطن، كما إنه مرجع لا غنى عنه لصناع القرار، والمنتخبين، والباحثين، ولكل من يسعى إلى مغرب أكثر عدالة وتوازنًا على مستوى الخريطة الترابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى