اخبار منوعة
رشق القوات العمومية ليلة عاشوراء: مشهد خطير يستدعي وقفة تأمل وحلول عاجلة.

ذا عمرو العرباوي / مدير النشر
ليلة عاشوراء، التي ارتبطت تاريخيًا في الذاكرة الشعبية المغربية بطقوس الفرح والاحتفال، تحوّلت خلال السنوات الأخيرة إلى مناسبة تشهد مظاهر عنف وفوضى مثيرة للقلق، أبرز تلك المظاهر رشق القوات العمومية بالحجارة في عدد من المدن المغربية، وهو سلوك خطير يطرح تساؤلات عميقة حول تحوّلات القيم المجتمعية، وضعف الوعي المدني، وأسباب الاحتقان في صفوف الشباب.
قراءة في أسباب هذا السلوك الخطير
يُجمع عدد من المتتبعين على أن هذه الاعتداءات لا يمكن فصلها عن مجموعة من العوامل، أبرزها:
1.غياب الوعي التربوي: ضعف التنشئة الاجتماعية والتربوية لدى بعض الأسر، وغياب ثقافة احترام سلطة القانون.
2.الفراغ القيمي: تحوّل عاشوراء من مناسبة دينية وروحية إلى فرصة للتنفيس عن الغضب، وسط فراغ قيمي وانعدام تأطير تربوي حقيقي.
3.البطالة والتهميش: يعيش عدد من الشباب أوضاعًا اجتماعية صعبة، يرافقها شعور بالإقصاء والحرمان، ما يجعلهم أكثر عرضة للسلوك العنيف كرد فعل على إحباطهم.
4.تأثير وسائل التواصل الاجتماعي: انتشار بعض الفيديوهات التي تُظهر مظاهر العنف قد يغري فئات من الشباب بمحاكاة هذه الأفعال بحثًا عن الشهرة الزائفة.
5.قصور المقاربة الزجرية وحدها: الاكتفاء بالحل الأمني دون حلول تربوية واجتماعية أعمق، لا يساعد على اجتثاث جذور الظاهرة.
لماذا يعتبر هذا المشهد خطيرًا؟
رشق القوات العمومية بالحجارة ليلة عاشوراء يبعث برسائل مقلقة للغاية:
-انزلاق القيم لدى فئة من الشباب نحو العنف غير المبرر
-تعريض الأرواح للخطر سواء من جانب عناصر الأمن أو من جانب المواطنين
-تهديد هيبة الدولة في الشارع العام، وإضعاف الثقة بين المواطن ومؤسساته
-إرباك النظام العام وإشاعة أجواء التوتر داخل الأحياء السكنية
إن تكرار هذه الأحداث يهدد بتحول عاشوراء إلى موعد سنوي للفوضى، بدلًا من مناسبة للتسامح والاحتفال الحضاري.
ما هي الحلول الممكنة؟
حتى لا نكتفي بالتشخيص، من المهم طرح حلول عملية وقابلة للتنفيذ، من أبرزها:
-حملات تحسيسية وتوعوية قبيل عاشوراء، بمشاركة السلطات والجمعيات والمجتمع المدني، لتذكير الشباب بخطورة هذه السلوكات.
-إدماج التربية على المواطنة بشكل أقوى في المناهج التعليمية، مع إشراك الأسر في تقويم سلوك أبنائها.
-تنظيم أنشطة بديلة خلال عاشوراء، رياضية وثقافية، لاستيعاب طاقات الشباب في أجواء آمنة وإيجابية.
-تطبيق القانون بحزم ضد كل من يهدد سلامة القوات العمومية أو الممتلكات العامة والخاصة، مع الحرص على أن يكون ذلك في إطار احترام الحقوق والحريات.
-دعم السياسات الاجتماعية لمواجهة الإقصاء والتهميش الذي قد يدفع بعض الشباب إلى التمرد والعنف.
مخرحات هذا المقال ، رشق القوات العمومية بالحجارة ليلة عاشوراء ليس مجرد حدث عابر، بل مؤشر على أزمة أعمق في العلاقة بين جزء من الشباب والمجتمع، وإذا لم تتحرك الجهات المسؤولة بشراكة حقيقية مع الأسر والمدرسة والمجتمع المدني لمعالجة الأسباب البنيوية لهذه الظاهرة، فإن مشاهد العنف قد تتكرر مستقبلا بشكل أكبر وأكثر خطورة.
ليلة عاشوراء يجب أن تبقى رمزًا للفرح والتضامن، لا مناسبة للتخريب والاعتداء. وهنا يبرز دور الجميع: أسرة، مدرسة، سلطة، مجتمع مدني، وإعلام، لإعادة الاعتبار لقيم التعايش والاحترام في هذه المناسبة العريقة.