المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تقرر إنشاء قوة إقليمية لمواجهة الجهاديين والانقلابيين
برشيد: م.ع
اتفق قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا الأحد في العاصمة النيجيرية أبوجا إنشاء قوة إقليمية، هدفها التدخل ليس ضد الجهاديين فحسب وإنما في حال وقوع انقلابات أيضا، كتلك التي شهدتها المنطقة في العامين الأخيرين وفق ما أعلن مسؤول كبير في المنظمة. يأتي هذا على خلفية عجز الجيوش الوطنية في احتواء توسع انتشار الجهاديين وكثرة الانقلابات بالمنطقة.
قرر قادة دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) الأحد في أبوجا بنيجيريا إنشاء جيش إقليمي للتدخل ضد الجهاديين بل وللحد أيضا من الانقلابات التي تشهدها المنطقة الأفريقية.
وكان قد عقد قادة الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، قمة أدرجت على جدول أعمالها مصير الجنود الذي أثار أزمة حادة بين مالي وساحل العاج، وهما بلدان عضوان في المجموعة، إلى جانب تداعيات الانقلابات التي شهدتها المنطقة في السنتين الأخيرتين على غرار مالي وبوركينا فاسو وغينيا.
هذا، وقد أمهل قادة دول غرب أفريقيا أو ممثلوهم، المجلس العسكري الحاكم في مالي إلى غاية الأول من كانون الثاني/يناير للإفراج عن 46 جنديا من ساحل العاج أسرهم منذ تموز/يوليو الماضي، تحت طائلة التعرض لعقوبات وفق عمر توراي رئيس مفوضية إيكواس، الذي قال: “نطالب السلطات المالية الإفراج عن جنود ساحل العاج في موعد أقصاه الأول من كانون الثاني/ يناير 2023”. مضيفا أن الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تحتفظ بحق التحرك في حال لم يتم الإفراج عن الجنود قبل هذا التاريخ.
ومن جانبه، قال دبلوماسي من غرب أفريقيا لوكالة الأنباء الفرنسية طالبا عدم الكشف عن هويته، إن إيكواس ستفرض عقوبات إن لم يتحقق ذلك.
وأضاف الدبلوماسي أن رئيس توغو فور غناسينغبي الذي يقوم بمساع حميدة بين مالي وساحل العاج في هذه الأزمة، سيتوجه إلى مالي “للمطالبة” بالإفراج عن الجنود.
وتخوض مالي صراع قوة مع ساحل العاج ومجموعة إيكواس منذ اعتقلت 49 جنديا من ساحل العاج في 10 تموز/يوليو الماضي عند وصولهم إلى باماكو. وتم إطلاق سراح ثلاثة منهم منذ ذلك الحين.
ومن جهتها، تؤكد كل من ساحل العاج والأمم المتحدة أن هؤلاء الجنود كان يفترض أن يشاركوا في ضمان أمن الكتيبة الألمانية العاملة ضمن قوة حفظ السلام الدولية في مالي، لكن باماكو قالت إنها تعتبرهم “مرتزقة” جاؤوا للمساس بأمن الدولة.
وكانت إيكواس قررت خلال قمة استثنائية في أيلول/سبتمبر الماضي إرسال وفد رفيع المستوى إلى مالي في محاولة حل فتيل الأزمة. لكن لم يتم إحراز أي تقدم إثر هذه المهمة التي جرت نهاية أيلول/سبتمبر الماضي
توسع انتشار الجهاديين متواصل
وأكد رئيس مجموعة إيكواس عمر توراي أيضا، أن قادة المجموعة “قرروا إعادة ضبط بنيتنا الأمنية” موضحا أن الأمر يتعلق بتولي “أمننا الخاص” وليس فقط الاستعانة بأطراف خارجية.
مضيفا أن مسؤولين عسكريين من المنطقة سيجتمعون في النصف الثاني من كانون الثاني/يناير لمناقشة آليات تشكيل القوة الإقليمية.
وقال “هم مصممون على إنشاء قوة إقليمية تتدخل عند الضرورة سواء كانت مسألة أمن أو إرهاب أو إعادة النظام الدستوري في الدول الأعضاء”.
كما أكد أيضا بخصوص التمويل أن قادة دول غرب أفريقيا قرروا عدم الاعتماد على المساهمات الطوعية فقط، إذ أنها أظهرت محدوديتها، بدون إعطاء المزيد من التفاصيل.
وتشهد عدة دول في المنطقة انتشارا للجهاديين الذين انطلقوا من شمال مالي ووصلوا إلى وسط هذا البلد، لكن وصلوا أيضا إلى بوركينا فاسو والنيجر ويتوسع وجودهم نحو الجنوب وخليج غينيا. الجيوش الوطنية صارت عاجزة إلى حد كبير وتتعاون مع أطراف خارجية، الأمم المتحدة وفرنسا أو حتى روسيا.
وتمارس المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا القلقة من عدم الاستقرار أو حصول انقلابات أخرى، ضغوطا منذ أشهر بغية عودة المدنيين في أسرع وقت ممكن إلى السلطة في هذه الدول وبينها اثنان، مالي وبوركينا فاسو، اللتان تعانيان من اضطرابات خطرة بسبب تحركات الجهاديين الآخذة في الاتساع. وكانت مالي وبوركينا فاسو مسرحا لانقلابيين في مدة أقل من سنة واحدة.
“قلق جدي”
وبحث قادة دول غرب أفريقيا أيضا الوضع في مالي وبوركينا فاسو وغينيا، الدول الثلاث التي تولى فيها العسكريون السلطة بالقوة منذ 2020. وتم تعليق عضوية هذه الدول في هيئات صنع القرار في إيكواس.
من جانبهم تعهد العسكريون تحت الضغط التخلي عن السلطة في غضون عامين وبعد فترة انتقالية، يؤكدون أنهم يريدون خلالها “إصلاح” دولتهم.
هذا، وقد بحث قادة دول غرب أفريقيا التدابير التي اتخذها البعض على طريق ما يسمونه “عودة إلى النظام الدستوري”.
ففي مالي “يجب أن يعود النظام الدستوري في أقرب وقت” وفق توراي. وفي حال تم احترام موعد آذار/مارس 2024، بعد أشهر ساد فيها خلاف مع الجماعة الاقتصادية وحظر تجاري وماليّ مشدد، تم رفعه حاليا، فإن “المرحلة الانتقالية” تكون قد دامت ثلاث سنوات ونصف.
أما في غينيا، فحض توراي المجلس العسكري على إشراك كل الأطراف والمجتمع المدني في العملية التي يفترض أن تقود المدنيين إلى السلطة. لكن، تقاطع الأحزاب الرئيسية وقسم كبير من المجتمع المدني عرض الحوار الذي قدمته السلطات.
وفيما يخص بوركينا فاسو، فقد عبر توراي عن “القلق الجدي” من جانب المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إزاء تطورات الوضع الأمني والأزمة الإنسانية التي تشهدها البلاد. وعبر عن “الرغبة في دعم بوركينا فاسو التي تشهد أزمة خطيرة”.
وقد تبنى الرجل القوي الجديد في بوركينا فاسو، الكابتن إبراهيم تراوري تعهدات اللفتنانت – كولونيل بول هنري سانداوغو داميبا بعدما أطاح به في أيلول/سبتمبر، ووعد في تموز/يوليو الماضي بإجراء انتخابات في تموز/يوليو 2024 على أبعد تقدير.
هذا، ويعد انعدام الأمن عاملا أساسيا في الانقلابات العسكرية التي هزت المنطقة منذ عام 2020، في مالي وبوركينا فاسو ولأسباب أخرى في غينيا.