المغرب.. أيقونة الحضارة والثقافة في العالم العربي.

ذا عمرو العرباوي/ مدير النشر
في زمن تتقاطع فيه الهويات وتتجاذب الأمم مواقع التأثير الحضاري، يظل المغرب شامخًا كواحد من أبرز الرموز الثقافية والتاريخية في العالم العربي، فالمملكة المغربية لا تُعرَف فقط بجغرافيتها المتنوعة الممتدة من الأطلس إلى الصحراء، بل بتاريخها العريق، وثرائها الثقافي الذي يجعلها أيقونة حضارية بكل المقاييس.
حضارة ضاربة في القدم:
منذ آلاف السنين، كان المغرب مهدًا لحضارات متعددة. من الآثار الرومانية في وليلي، إلى المدن الأمازيغية القديمة، وصولًا إلى العمارة الإسلامية الفريدة التي تزين فاس ومراكش ومكناس والرباط، ظل المغرب ملتقى حضارات ومركزًا ثقافيًا فاعلًا، لا متلقّيًا فحسب.
تُعد جامعة القرويين في فاس، التي تأسست عام 859م، أقدم جامعة في العالم ما زالت تُدرّس حتى اليوم. هذه المؤسسة العلمية العريقة لم تكن مجرد مدرسة دينية، بل فضاءً للعلوم والرياضيات والفلسفة، وكانت مقصِدًا لطلاب العلم من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
تنوع ثقافي غني ومتماسك:
ما يميز المغرب عن غيره من البلدان العربية هو تنوّعه الثقافي واللغوي الذي لا يمثّل عبئًا، بل مصدر غنى، فـالأمازيغية، والعربية، والفرنسية، والحسانية، والعبرية، تتجاور في الفضاء المغربي دون صدام، في تناغم يعكس روح التسامح والانفتاح التي طبعت الشخصية المغربية عبر العصور.
والمطبخ المغربي، الموسيقى الأندلسية، فنون النقش والزرابي، كلها تعكس هوية ثقافية متميزة لا تزال حية ومتجددة.
منارة استقرار في محيط مضطرب:
رغم التحديات الاجتماعية والاقتصادية، بقي المغرب نموذجًا في الاستقرار السياسي النسبي، وسط محيط عربي هزّته الاضطرابات والصراعات، هذا الاستقرار مكّن البلاد من الحفاظ على إرثها الثقافي وتعزيزه، بل وتسويقه كقوة ناعمة في علاقاتها الدولية.
دور إقليمي يتجاوز الجغرافيا:
لم تقتصر مساهمة المغرب على حدوده. فالثقافة المغربية، من خلال السينما، والموسيقى، والأدب، أصبحت حاضرة في المهرجانات العالمية، ومرتبطة بصورة بلد يجمع بين الأصالة والحداثة، وبين الجذور والانفتاح.
مخرحات هذا المقال ، في زمن العولمة والتشابه الثقافي، يثبت المغرب أنه ليس فقط بلدًا ذا ماضٍ عريق، بل صاحب مشروع حضاري مستمر، يستند إلى تاريخه ليواجه تحديات المستقبل بثقة ورؤية.
وهكذا يظل المغرب، عن جدارة، أيقونة حضارية عربية، لا تنطفئ أنوارها، بل تتوهج مع كل تحول تاريخي.