موقع الوساطة والتحكيم في المنظومة القانونية بين تحقيق العدالة وتفوق ريادة عالم المال والأعمال
عمرو العرباوي – مدير النشر
إذا كان الأصل في التقاضي وفض النزاعات هو اللجوء إلى قضاء الدولة ، عبر سلوك اجراءات ومساطر قانونية نظامية تتميز بكونها يسهر على تدبيرها جهاز يسمى السلطة القضائية بجميع مكوناتها يساعده جهاز آخر مكون من كتابة الظبط (مصلحة كتابة الظبط ومصلحة كتابة النيابة العامة ) ، إظافة إلى جهاز الدفاع والخبراء وباقي مساعدي العدالة .
فإقامة العدالة القضائية يعني حماية النظام القانوني، لذلك أبانت التجربة أن طرق القضاء العادي يتطلب احترام عملية التقاضي ، وهي عملية قانونية بطيئة ومعقدة للغاية، وحتى في حالة صدور احكام قضائية، تصطدم بإشكالية تنفيذها ، مما يؤدي الى ضياع الحقوق والوقت ، وبالتالي عدم ثقة وتشكيك المواطنين في عملية التقاضي امام محاكم الدولة بمختلف أنواعها .
وتبعا لهذا العقم الاجرائي ، ارتفعت أصوات تنادي بتغيير هذا النظام القانوني البطيء ، و البحث عن بدائل قانونية جريئة وسريعة تسعى إلى تحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي بضمها إلى نظام العدالة القضائية، الذي يلبي مطالب الخصوم في حل منازعاتهم في وقت مبكر ، لذلك انتهج المغرب سياسة الحلول البديلة لفض النزاعات من خلال سن قانون 95/17، والمتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية.
فالقانون المتعلق بالوساطة والتحكيم رقم 95/17 في المغرب ينظم مجال الوساطة والتحكيم كوسيلة لتسوية النزاعات بطرق غير قضائية، يهدف هذا القانون إلى تعزيز العدالة الإجتماعية وتقديم آليات فعالة لتسوية النزاعات بشكل سلمي وسريع .
ويتم تطبيق قانون المتعلق بالوساطة والتحكيم رقم 95/17 في المغرب على مختلف المجالات القانونية، بما في ذلك النزاعات التجارية، والنزاعات العائلية، والنزاعات العقارية، ونزاعات العمل. يهدف القانون إلى تعزيز الوساطة والتحكيم كوسيلتين فعالتين لحل النزاعات خارج المحاكم القضائية.
فالوساطة والتحكيم يلعبان دورًا أساسيًا في تحقيق التسوية وحل النزاعات في مجال ريادة الأعمال والمال، كما يعتمد النجاح على قدرة هذين العنصرين على تسوية الخلافات بشكل عادل وفعال، يعززان الثقة بين الشركات والأفراد ويسهمان في تعزيز بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات، ويتضمن دور الوساطة التوسط بين الأطراف المتنازعة للوصول إلى حل وسط يلبي مصالح الجميع، في حين يقدم التحكيم آلية لحل النزاع بشكل نهائي عن طريق قرار يصدر عن طرف ثالث مستقل، تعتبر هذه الآليتان أدوات حيوية لتعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي.
فسلوك مسطرة الوساطة والتحكيم تتحقق معه المصلحة المشتركة العامة والخاصة والسلم المجتمعي عبر :
-تسهيل العمليات التجارية: يساعد الوسيط والتحكيم في تسهيل الصفقات التجارية وتنفيذها بسلاسة، حيث يعملان على تقليل المخاطر وتوفير بيئة مستقرة للأعمال.
-توفير الوقت والمال: يحل الوسيط والتحكيم النزاعات بشكل أسرع وأرخص من اللجوء إلى القضاء التقليدي، مما يوفر الوقت والتكاليف القانونية.
-تعزيز الثقة والسمعة: عندما تكون هناك آليات فعّالة لحل النزاعات، يؤدي ذلك إلى بناء ثقة أكبر بين الشركات والأفراد وزيادة سمعتهم في سوق الأعمال.
-تعزيز بيئة الأعمال: يسهم الحل السلمي للنزاعات في خلق بيئة أعمال مستقرة ومشجعة للاستثمار، مما يساهم في نمو الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة.
-تعزيز الابتكار والإبداع: عندما يتم تحليل النزاعات وتسويتها بشكل فعّال، يمكن للشركات والأفراد التركيز على أنشطتهم الأساسية بدلاً من إهدار الوقت والجهد في الخلافات القانونية.
-تقليل المخاطر: من خلال وجود آليات لحل النزاعات، يمكن تقليل المخاطر التجارية والقانونية التي يمكن أن تهدد استمرارية الأعمال.
-تعزيز الثقة العامة: يشعر المستثمرون والأفراد بالراحة والثقة عندما يعرفون أن هناك آليات فعّالة لحل النزاعات إذا ما طرأت مشكلة.
-تعزيز الاستدامة: بتخفيف النزاعات وتعزيز الاستقرار في البيئة التجارية، يمكن تحقيق الأهداف الاقتصادية والبيئية والاجتماعية للأعمال بشكل مستدام.
-تعزيز القانون والعدالة: من خلال تطبيق وتعزيز قوانين الوساطة والتحكيم، يتم تعزيز مبادئ العدالة وحقوق الأفراد والشركات في الوصول إلى حلول عادلة للنزاعات، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر تقدماً وتطوراً.
-تحسين سمعة الشركات والأفراد: يؤدي استخدام الوساطة والتحكيم كوسيلة لحل النزاعات إلى تعزيز سمعة الشركات والأفراد، حيث يُعتبر اتخاذ هذه الخطوة بمثابة إظهار للالتزام بالمسؤولية الاجتماعية والقانونية.
-تعزيز الثقافة القانونية والتحكيمية: يساهم استخدام الوساطة والتحكيم في تعزيز الثقافة القانونية والتحكيمية في المجتمع، مما يسهم في تطوير نظام قانوني أكثر نضجاً وفعالية.
مخرجات هذا المقال ، يمكن القول إن الوساطة والتحكيم يشكلان عنصرين أساسيين في ريادة عالم المال والأعمال، حيث يسهمان في تعزيز الاستقرار والثقة والتعاون والعدالة، ويساهمان في بناء مجتمعات أكثر تطوراً واستدامة ونماء .