عمرو العرباوي – مدير النشر
في العالم المعاصر، تبرز ظاهرة أن المحتوى التافه يحقق أرباحًا كبيرة، يمكن تفسير ذلك بعدة عوامل تشمل جوانب اجتماعية ونفسية واقتصادية وتكنولوجية.
سوف نستعرض هذه العوامل بشكل مفصل:
1-التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي:
الوصول السهل: بفضل الهواتف الذكية وشبكات الإنترنت السريعة، يمكن لأي شخص الوصول إلى المحتوى بسهولة وبسرعة، مما يزيد من حجم الجمهور المحتمل.
مواقع التواصل الاجتماعي والتفاعل: تعمل منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك ويوتيوب وإنستجرام على تعزيز المحتوى الذي يحظى بتفاعل كبير (سواء كان هذا التفاعل إيجابيا أم سلبيا)، مما يجعل المحتوى التافه، الذي غالبًا ما يثير مشاعر قوية أو يتسم بالغرابة، يحقق انتشارًا أوسع.
2- الجوانب النفسية والاجتماعية:
الهروب من الواقع: يبحث الكثيرون عن محتوى ترفيهي خفيف كمخرج من الضغوط اليومية والروتين، المحتوى التافه يوفر ذلك بطريقة بسيطة وسهلة الاستهلاك.
الفضول والإثارة: يميل الناس بطبيعتهم إلى متابعة الأمور الغريبة أو المثيرة للجدل. هذا الفضول يزيد من مشاهدة المحتوى التافه .
التعزيز الاجتماعي: في البيئات الاجتماعية الرقمية، يميل الناس إلى مشاركة المحتوى الذي يثير ردود فعل فورية، وغالبًا ما يكون هذا المحتوى تافهًا ومثيرًا للضحك أو السخرية.
3-العوامل الاقتصادية:
الإعلانات والعائدات: تجذب معدلات المشاهدة العالية المُعلنين، مما يؤدي إلى تحقيق أرباح كبيرة لمنشئي المحتوى التافه. كلما زاد عدد المشاهدات، زادت الإيرادات من الإعلانات.
التكلفة المنخفضة للإنتاج: في كثير من الأحيان، لا يتطلب إنتاج المحتوى التافه تكاليف كبيرة أو مهارات عالية، مما يجعله جذابًا للعديد من الأفراد والشركات الذين يسعون لتحقيق أرباح سريعة.
4-الثقافة الشعبية وتأثير المشاهير:
تأثير الشخصيات العامة: غالبًا ما يساهم المشاهير والشخصيات المؤثرة في تعزيز المحتوى التافه عبر منصاتهم، مما يزيد من انتشاره.
ثقافة الاستهلاك السريع: أصبحت الثقافة الحديثة تفضل الاستهلاك السريع والمباشر للمحتوى، حيث يبحث الناس عن الإشباع الفوري، وهو ما يقدمه المحتوى التافه بشكل فعال.
5-غياب المعايير العالية في التقييم:
التقييم المبني على الشعبية: في العديد من الأحيان، يتم تقييم جودة المحتوى بناءً على شعبيته وليس قيمته الفعلية أو الثقافية، مما يعزز المحتوى التافه الذي يسهل انتشاره بشكل واسع.
عموما ، يمكن القول إن التفاهة تجني أرباحًا كبيرة بسبب تضافر عدة عوامل، بدءًا من تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، مرورًا بالاحتياجات النفسية والاجتماعية للمستهلكين، ووصولاً إلى الديناميات الاقتصادية والثقافية، وفي هذا السياق، يصبح من الضروري النظر في كيفية تحقيق توازن بين المحتوى الترفيهي والمحتوى ذو القيمة الثقافية والمعرفية العالية.
