مرصد السجون: معظم النزلاء شباب .. ومطلب العقوبات البديلة مُلح
برشيد.ر.ع
”مطلب اعتماد العقوبات البديل” و”مراجعة السياسات العقابية”، كشف تقرير المرصد المغربي للسجون، الذي جرى تقديم أبرز مضامينه الخميس (4 غشت الجاري) بالرباط، عن عودة ملف “اكتظاظ السجون في المغرب إلى واجهة النقاش العمومي” خلال عام 2021، خاصة مع “استمرار تسجيل أرقام مرتفعة لعدد السجناء في مقابل انخفاض عدد المؤسسات السجنية”؛ ما يحرم عددا كبيرا من النزلاء من حقوقهم الأساسية، ويبرز “محدودية استفادتهم من برامج التكوين وإعادة التأهيل”.
ان أبرز مضامين التقرير، سواء من حيث التشخيص أو مقترحات تحسين أوضاع السجون والتوصيات المرفوعة في هذا الصدد إلى الجهات المعنية.
“ساكنة سجنية” شابة في ارتفاع
جرى، خلال الندوة الصحافية ذاتها، تقديم أرقام دالة تبرز “ارتفاع الساكنة السجنية منذ 2017، فقد انتقل العدد من 83 ألفا و102 سجين إلى حوالي 89 ألفا سنة 2021؛ وهو ما يؤشر على زيادة بنسبة 25 في المائة مقارنة بالـ10 سنوات الماضية.
وأورد تقرير المرصد معطيات إحصائية خاصة بـ”المؤسسات والساكنة السجنية”، توضح أن عدد المعتقلين قد بلغ بتاريخ 31 دجنبر 2021 في المؤسسات السجنية ما مجموعه 88 ألفا و941 معتقلا ومعتقلة، حوالي 20 في المائة منهم بجهة الدار البيضاء-سطات و18 في المائة بجهة الرباط-سلا-القنيطرة؛ في حين تمثل النساء 2.34 في المائة من الساكنة السجنية بالمملكة.
وتتصدر الفئة العمرية من 20 إلى 30 سنة قائمة الساكنة السجنية بنسبة 43 في المائة، وتأتي في المرتبة الثانية الفئة العمرية من 30 إلى 40 سنة بـ30 في المائة، ثم الفئة من 40 إلى 50 سنة بنسبة 14 في المائة، تليها الفئة العمرية من 50 إلى 60 سنة بنسبة 6 في المائة، متبوعة بالفئة العمرية من 18 إلى 20 سنة بنسبة 4 في المائة ثم الفئة العمرية من 60 سنة فما فوق بنسبة 2 في المائة. بينما تمثل الفئة العمرية الأخيرة الأقل من 18 سنة (الأحداث والقاصرون) نسبة 1 في المائة فقط من مجموع السجناء بالمغرب.
وقد عرف عام 2021، الذي يغطيه التقرير، “استمرار تسجيل أرقام مرتفعة لعدد السجناء، مقابل انخفاض عدد المؤسسات السجنية”، واصفا ظاهرة الاكتظاظ بـ”السِّمة العامة للسجون بالمغرب”؛ ما يعيق، حسب المصدر ذاته، “تنفيذ برامج التأهيل وإعادة الإدماج، ويحول دون التمتع بحقوق الإنسان الأساسية، خصوصا الحق في الصحة الجسدية والنفسية والحق في الفسحة الكافية وفي التغذية السليمة والمتوازنة”، ومنتقدا “سياسة اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي والحراسة النظرية في حق النساء السجينات والأطفال الأحداث”.
نوع الجرائم
يتجلى من “توزيع المعتقلين حسب نوع الجريمة” في عام 2021 تصدّر جرائم “القانون الخاص” نوع الجرائم المرتكبة من طرف المعتقلين، حيث تمثل 33 في المائة من مجموع الجرائم المرتكبة، تليها الجرائم المتعلقة بالأموال بنسبة 25 في المائة، ثم الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص (16 في المائة)، ثم الجرائم المرتكبة ضد “الأمن العام والنظام العام” بنسبة قاربت 14 في المائة؛ في حين تتذيّل القائمة الجرائم ضد نظام الأسرة والأخلاق العامة بنسبة تفوق 9 في المائة.
توسعة الطاقة الاستيعابية
“وإذا كانت الطاقة الاستيعابية لحظيرة السجون قد بلغت، إلى حدود متم دجنبر 2021، ما مجموعه 170.597 مترا مربعا، بمعدل 1,9 أمتار مربعة لكل سجين، وفق تصريحات رسمية لمندوبية السجون بالمغرب؛ وهو ما يُعتبَر “تقدّما”، إذ ارتفعت المساحة المخصصة لكل سجين بنسبة 40 في المائة، منتقلة من 1.67 مترا مربعا إلى مترين مربعين، فإن هذا المعدل، أي 1,9 أمتار مربعة لكل سجين، يبقى بعيدا عن المعايير الدولية المعمول بها”، يسجل المرصد.
السنة ذاتها شهدت “انخفاضا في عدد المؤسسات السجنية”، أضاف تقرير المرصد مستندا إلى معطيات صادرة بهذا الشأن عن المندوبية العامة لإدارة السجون، التي سجلت “تواجد 75 مؤسسة سجنية في 2021 مقابل 78 سنة 2020؛ منها 64 سجنا محليا مقابل 66 سنة 2020، وستة سجون فلاحية مقابل سبعة، عاما قبل ذلك.
“الوافدون الجدد”
بلغ عدد الوافدين الجدد على المؤسسات السجنية، خلال سنة 2021، حسب معطيات التقرير بناء على إحصائيات المندوبية العامة للسجون، ما مجموعه 103 آلاف و374 وافدا جديدا؛ ضمنهم 4470 امرأة بنسبة 4.12 في المائة، في حين بلغت نسبة الأحداث منهم 3.08 في المائة.
مطلب “العقوبات البديلة” لتقليص الاعتقال الاحتياطي
وعن توزيع المعتقلين حسب الوضعية الجنائية، ذكر المصدر ذاته أن “نسبة المعتقلين المُدانين ناهزت 58 في المائة، بينما بلغت نسبة المعتقلين الاحتياطيين 42 في المائة؛ ما يؤشر على انخفاض مقارنة بسنة 2020”.
كما أثار عبد الله مسداد، الكاتب العام للمرصد، في معرض حديثه لوسائل الإعلام، مطلب “اعتماد العقوبات البديلة” التي قال “إن النقاش بشأنها ظل مجمّداً منذ عهد الوزير السابق، دون أحراز تقدم ملموس في إشراك المرصد والفعاليات الحقوقية في إعداد مقتضياته”، المرتقب عرضها على مسطرة التشريع البرلماني قريبا.
وخلص التقرير، ضمن أبرز ملاحظاته، إلى أن سنة 2021 “لم تشهد تغيّرا ملحوظا في أوضاع السجينات والسجناء بالمؤسسات السجنية بالمغرب، مع مراوحتها مكانها”؛ منتقدا في هذا الصدد “التضييق على الحق في التنظيم، والإبقاء على الإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان في السجون”، حسب تصريح مسداد.
برامج التأهيل وإعادة الإدماج
استفاد من برامج التأهيل لإعادة الإدماج قرابة 40 ألف سجين بالمغرب. وقد همّت هذه البرامج “أنشطة ثقافية ورياضية وفنية ودينية، في حين استفاد 6905 نزلاء من “برامج التكوين المهني والفلاحي”.
“محو الأمية” كان لها أيضا نصيب من برامج التكوين والتأهيل، إذ استهدفت 7110 سجناء، مقابل 2706 سجناء استفادوا من برامج التعليم، و182 نزيلا ونزيلة استفادوا من برنامج التربية النظامية”.
توصيات لمختلف المؤسسات
دعا المرصد، في أبرز توصياته أجهزة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى “تسريع تفعيلِ الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، للقيام بمهامها في الرصد والتتبع لأماكن الاحتجاز”، لافتا إلى دور مؤسسات القضاء والنيابة العامة في “تعزيز الرقابة على تدبير السجون ووضعية السجناء، وضمان التحقيق السريع والمحايد في كل حالات الوفيات وسوء المعاملة”.
كما وجّه توصيات إلى كل من جهازي السلطة التنفيذية (الحكومة) والتشريعية (البرلمان)، مختتِما تقريره، الذي جاء في 134 صفحة، بتقديم خلاصات وتوصيات إلى مختلف الفاعلين العموميين والمؤسساتيين بالمملكة، مطالبا بـ”تجسيد المقاربة التشاركية في تدبير قطاع السجون بين المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني”.
وجدد المرصد المغربي للسجون، بمناسبة تقديم تقريره السنوي، مطالبه بضرورة ”الرفع من ميزانية المندوبية العامة للسجون، حتى تتمكن من توفير شروط حياة كريمة للنزلاء والنزيلات”.