مفهوم دولة الحق والقانون بين السياق التاريخي والواقعي :
برشيد: عمرو العرباوي / مدير النشر
ان دولة الحق والقانون او مايسمى بالدولة الديمقراطية ،فتح مبدأ سيادة الأمة، أو سيادة الشعب الذي أعلنته الثورتان الأمريكية والفرنسية، في نهاية القرن الثامن عشر، المجال أمام دمقرطة أشكال حكم الدول ،وإذا كان نموذج الدولة الديمقراطية قد انتشر فإنه لم يكف عن التطور،وقد حول صعود المتطلبات في موضوع مشاركة المواطنين ومأسسة ضمانات حقوق الفرد الأساسية النظم الديمقراطية القائمة على نظام تمثيلي تعبر فيه إرادة المواطنين عن نفسها عبر ممثلين منتخبين .
إن دولة الحقوق والقانون التي فرضتها أوروبا البرجوازية والرأسمالية كنموذج عالمي بديل لنموذج الدولة الاستبدادية تحتل فيها حقوق الإنسان والمواطن مركزاً رئيساً في فلسفتها السياسية نظراً للنقد التاريخي الذي قامت به الجهات الأوروبية على ذاتها من أجل تأسيس المشروعية العلمانية الحديثة القائمة على الإعلان الشهير لحقوق الإنسان والمواطن اولا .
وتستمد دولة الحق والقانون مشروعيتها السياسية والتاريخية من تصويت المواطنين المكونين للمجتع المدني، حيث أصبح حق التصويت العام ـ باعتباره ركيزة النظام الديمقراطي وأحد مكتسبات الثورة الديمقراطية البرجوازية ـ مصدراً للحقيقة ولمشروعية السلطة السياسية ثانياً،وتقوم على النظام الدستوري المبني على التعاقد والتفاعل بين دولة الحق والقانون هذه وحماية الحرية الفردية والملكية الخاصة للمواطن والمجتمع المدني، والدفاع عن حقوق المواطن الفردي التي لا تقبل التنازل عنها، وفكرة المساواة في الحقوق، وفكرة سيادة الشعب التي تشكل أساس دولة القانون التي غايتها الحق، ثالثاً. وهنا تندرج مقولة الأمة في ارتباطها الصميمي بالثورة الديمقراطية، حيث أن المسألة الديمقراطية ترتبط بمسألة الأمة، وتشكل وجودها السياسي، أي الدولة القومية .
هذا من حيث السياق التاريخي .
اما من حيث مفهوم دولة الحق والقانون، فيمكن القول انه مصطلح يشير الى نظام سياسي يقوم على أساسية القانون وحماية حقوق الأفراد. تعني هذه الدولة أن الحكومة وسلطاتها تعمل بموجب القوانين التي تحدد الحقوق والواجبات للمواطنين وتحدد سلطات الحكومة ووظائفها.
ففي دولة الحق والقانون، يتم تطبيق القانون بعدالة ومساواة على جميع المواطنين دون تمييز، وتحترم حقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية، مثل حرية التعبير وحرية الدين وحقوق الإنسان. يتم تعيين سلطات مستقلة، مثل القضاء، لفصل النزاعات وتطبيق القانون بطريقة غير متحيزة وعادلة.
بالإضافة إلى ذلك، في دولة الحق والقانون، تكون الحكومة محدودة بالقوانين وتكون تحت رقابة المؤسسات الديمقراطية والمجتمع المدني. يتم تحقيق التوازن بين سلطات الحكومة وحقوق المواطنين من خلال وجود آليات لمراقبة الحكومة وتقييدها عند الضرورة.
تهدف دولة الحق والقانون إلى إنشاء مجتمع مدني يسوده العدل والمساواة، وحماية حقوق الأفراد وحرياتهم. يعتبر هذا النظام القانوني أساساً للديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاقتصادي في الدول المتقدمة.
بالإضافة إلى ما ذكرته سابقًا، في دولة الحق والقانون، يتم تطبيق القوانين بشكل عادل ومنصف، دون تدخل أو تأثير من القوى السياسية أو الشخصية، و يتم تحقيق ذلك من خلال احترام مبدأ استقلالية القضاء، حيث يتم تعيين القضاة بشكل مستقل وغير تبعي لأي جهة سياسية أو حكومية.
تتميز دولة الحق والقانون بوجود نظام قانوني شامل وواضح يحدد حقوق وواجبات الأفراد والمؤسسات. يجب أن تكون القوانين معروفة للجميع ومتاحة للوصول والفهم، ولا يجب أن يكون هناك تعسف في تفسيرها أو تطبيقها. علاوة على ذلك، يجب أن يتم تطبيق القوانين بشكل متساوٍ وعادل على جميع الأفراد دون تفضيل أو تمييز.
يُعتبر الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وحرياتهم الأساسية أحد أهم مبادئ دولة الحق والقانون. تشمل هذه الحقوق الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي، وحقوق المساواة والعدالة، وحقوق الحصول على تعليم ورعاية صحية، وحقوق العمل والتوظيف اللائق، وغيرها من الحقوق التي تساهم في رفاهية وكرامة الفرد في المجتمع.
بشكل عام، يهدف نظام دولة الحق والقانون إلى إقامة نظام قانوني يضمن العدالة والمساواة والحرية وحقوق الإنسان، ويعزز استقرار المجتمع وتنميته الاقتصادية والاجتماعية. وتكون الحكومة في هذه الدولة مسؤولة عن حماية القوانين وتطبيقها، وتعمل لخدمة المصلحة العامة.
في دولة الحق والقانون، تكون الحكومة مسؤولة عن تنفيذ وتطبيق القوانين وتحقيق العدالة الاجتماعية، ينبغي أن تكون الحكومة متعاونة ومفتوحة على التواصل مع المواطنين وتلبية احتياجاتهم ومطالبهم العادلة.
علاوة على ذلك، يلعب القضاء دورًا حيويًا في دولة الحق والقانون، يتعين أن يكون النظام القضائي مستقلاً وغير تبعي للسلطة التنفيذية أو التشريعية، ويجب أن يتمتع القضاة بالحرية في اتخاذ القرارات بموجب القانون وبمنأى عن أي تأثيرات خارجية. يعمل القضاء على فصل النزاعات وحل المنازعات بشكل عادل ومستقل، وضمان حقوق المواطنين وتنفيذ العقوبات بناءً على مبادئ العدالة.
يتطلب تحقيق دولة الحق والقانون توفر نظام قانوني فعال وفاعل، وذلك يتطلب وجود تشريعات وقوانين واضحة وشاملة تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والعدالة ،كما يجب أن يكون هناك آليات لحماية حقوق المواطنين وتلبية شكاواهم واحتياجاتهم القانونية.
فمخرجات هذا البحث ، فإن دولة الحق والقانون هي تلك التي تضمن القانون كأساس للحكم وتحمي حقوق الأفراد، وتوفر نظامًا قضائيًا مستقلاً وعادلاً لفصل النزاعات وتنفيذ العدالة ، كما يهدف هذا النظام إلى تعزيز العدالة والمساواة والحريات الأساسية، وتحقيق التقدم والازدهار والكرامة الانسانية للمجتمع ككل.