اخبار جهوية
فوضى تسعيرة الطاكسي الصغير ببرشيد :غياب المراقبة يرهق جيوب المواطنين

ذا عمرو العرباوي / مدير النشر
يعيش قطاع سيارات الأجرة الصغيرة بمدينة برشيد حالة من الفوضى غير المسبوقة، حيث أضحى عدد كبير من السائقين يفرضون على المواطنين تسعيرات تفوق بكثير ما هو منصوص عليه قانوناً، فبينما يحدد السعر القانوني للرحلة داخل المدار الحضري في 7,5 دراهم كحد أقصى، فإن بعض السائقين يطلبون من الزبناء مبالغ تتراوح بين 20 و30 درهماً، خصوصاً في بعض الوجهات مثل التنقل من وسط المدينة إلى إقامة ياسين بطريق ميلس.
ما يجري في شوارع برشيد اليوم ليس إلا تطبيقاً لمزاجية بعض السائقين، الذين يفرضون على المواطن دفع ما يرونه مناسباً، دون أي سند قانوني، بل ويبررون الأمر على أساس أنه “تسعيرة قانونية”، هذه الممارسات تشكل خرقاً واضحاً للقوانين المنظمة لقطاع سيارات الأجرة بالمغرب، لاسيما المرسوم رقم 2.16.325 الصادر بتاريخ 29 يونيو 2016 المتعلق بتحديد شروط استغلال سيارات الأجرة ونقل الأشخاص، والذي يلزم السائقين بالتقيد بالتعريفة المحددة من طرف السلطات المحلية، وعدم فرض أي زيادة غير منصوص عليها.
رغم وضوح النصوص القانونية، فإن غياب المراقبة الصارمة يجعل المواطن الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، فالجهات المسؤولة عن تقنين القطاع تشمل:
-العمالة والسلطة المحلية (باشوية برشيد) التي لها صلاحية تحديد التسعيرة ومراقبة مدى الالتزام بها.
-المصالح الأمنية (الشرطة/الدرك الملكي) المخولة لها تحرير مخالفات ضد السائقين الذين يبتزون المواطنين.
-المفتشية العامة للنقل الطرقي بوزارة الداخلية التي تضع الإطار التنظيمي وتشرف على تنزيل القوانين.
-الجماعة الترابية بصفتها شريكاً في تدبير النقل الحضر.
إن استمرار هذه الفوضى يضر أولاً بجيب المواطن البسيط الذي يجد نفسه مضطراً لدفع أضعاف التسعيرة القانونية، كما يكرس صورة سلبية عن القطاع ككل، ويعمق أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات.
تجارب مدن أخرى: نموذج الدار البيضاء ومراكش،
العديد من المدن المغربية الكبرى واجهت نفس الإشكال، غير أن السلطات بادرت إلى اعتماد حلول عملية، ففي الدار البيضاء، تم فرض العداد الرقمي الإجباري داخل جميع سيارات الأجرة الصغيرة منذ سنوات، وهو ما ساهم في ضبط الأسعار، وتقليص حجم النزاعات بين السائقين والزبناء.
أما في مراكش، فقد أطلقت السلطات المحلية حملات مراقبة مكثفة إلى جانب وضع رقم هاتفي للتبليغ عن السائقين المخالفين، مما أعطى نتائج ملموسة في تقليص حالات الاستغلال.
مقترحات عملية لمعالجة الظاهرة ببرشيد:
حتى يتم وضع حد لهذه التجاوزات، يبقى من الضروري اعتماد جملة من الحلول الواقعية:
1-اعتماد العداد الرقمي الإجباري داخل سيارات الأجرة الصغيرة ببرشيد، على غرار ما هو معمول به في الدار البيضاء والرباط.
2-إحداث خط هاتفي أخضر أو تطبيق إلكتروني للتبليغ عن السائقين المخالفين، مع تدخل فوري من السلطات.
3-تنظيم دورات تحسيسية للسائقين حول القوانين المنظمة، وأهمية احترام المواطن باعتباره زبوناً أساسياً للقطاع.
4-تشديد المراقبة الميدانية عبر دوريات مشتركة بين الشرطة والسلطات المحلية، خاصة في المناطق التي تعرف كثرة الشكايات.
5-فرض عقوبات رادعة تصل إلى سحب رخصة الثقة أو التوقيف المؤقت لكل من يثبت في حقه تكرار المخالفات.
مخرجات هذا المقال ، يبقى الوضع الراهن مؤشراً على ضعف الرقابة وغياب الردع، وهو ما يستدعي من السلطات المحلية ببرشيد التحرك العاجل لحماية جيوب المواطنين، وتخليق قطاع النقل الحضري، فضلا فالنقل ليس مجرد وسيلة تنقل، بل هو خدمة عمومية أساسية يجب أن تراعي شروط الكرامة، العدالة، والإنصاف.